تشكل حرب الموانئ في وقتنا الحاضر، أهم وأخطر أشكال الحرب البحرية التي تخوضها الدول بين بعضها البعض. وتخاض هذه الحرب وفق ما استخلصته المدرسة الجيوبوليتيكية الألمانية، بأن من يسيطر على البحر سيتمكن من السيطرة على التجارة العالمية، ومن يسيطر على التجارة العالمية سيمتلك الثروة، ومن يملك الثروة سيمتلك العالم كلّه. ولأن الموانئ تشكل البنية التحتية للتجارة العالمية، تتنافس العديد من الدول على الفوز بمناقصة إدارتها، لما سيكون لهذا الفوز من تداعيات لا تقتصر بالعوائد المادية فحسب، بل تداعيات عسكرية وسياسية وأمنية استراتيجية.
وتعد "شركة موانئ دبي" من أهم أذرع دولة الإمارات، التي تسعى من خلالها للسيطرة على أهم موانئ المنطقة. والتي كانت أيضاً، الشركة السباقة في عقد الشراكة مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، عقب توقيع اتفاقيات "ابراهام" التطبيعية. ولذلك فإن الشك فيها والتنبه من نشاطاتها، بات أمراً ضرورياً أمام كل الدول التي تسعى لتلزيم مرافئها، خصوصاً الدول العربية والإسلامية، التي ما زالت ملتزمة بالعداء لكيان الاحتلال، وبدعم حركات المقاومة والقضية الفلسطينية.
فما هي أبرز المعلومات عن هذه الشركة؟
_ هي شركة لوجستية إماراتية متعددة الجنسيات مقرها في إمارة دبي، متخصصة في إدارة لوجستيات البضائع وعمليات الموانئ والخدمات البحرية ومناطق التجارة الحرة.
تأسست في العام 2005 من خلال اندماج سلطة موانئ دبي وموانئ دبي العالمية.
_ تتعامل مع 70 مليون حاوية يتم جلبها من قبل حوالي 70 ألف سفينة سنويًا. بنسبة تعادل ما يقرب من 10٪ من حركة الحاويات عالمياً.
_ تتولى مسؤولية إدارة 82 محطة بحرية موجودة في أكثر من 40 دولة.
_ لم تسمح لها السلطات التشريعية الأمريكية من إدارة الموانئ في بلادها، خشية من التسبب في مخاطر أمنية.
_ تستعد الشركة بعد إبرامها عقد شراكة مع شركة صناعة أحواض السفن الإسرائيلية، للاستحواذ على أقسام من ميناء حيفا في صفقة ضخمة تقدر قيمتها ب 600 مليون دولار، ومن المتوقع أن إغلاقها (الصفقة) أواخر هذا العام.
_ كما ناقشت هاتين الشركتين، مشروع استكشاف طريق شحن مباشر، ما بين ميناء جبل علي الضخم في دبي ومدينة إيلات. وقد يؤدي هذا المشروع لاحقاً، الى تداعيات سلبية كبيرة وخطيرة على قناة السويس وبالتالي مصر.
وفي تصريح لرئيس الشركة سلطان أحمد بن سليم، كشف عن أهداف شركته من التعاون مع كيان الاحتلال بالقول بأن الكيان سيصبح حلقة وصل منطقية وإستراتيجية للغاية بين الموانئ في أوروبا والشرق الأوسط، مضيفاً بأنَّ العلاقات ما بين بلاده والكيان ستفضي إلى تجارةٍ تصل قيمتها إلى 5 مليارات دولار.
عندها نتأكد أكثر فأكثر، أن مسار التطبيع لا يشكل خطراً على القضية الفلسطينية فحسب، بل ينذر بأن دول المنطقة ستتعرض لخطر ضرب قطاعاتها الاقتصادية والتجارية من جانب، وقد يشمل الخطر الجوانب الأمنية والعسكرية أيضاً جراء هكذا اتفاقيات شراكة.
_ منحت الشركة في العام 2008، السيطرة على ميناء عدن لمدة 100 عام، عبر الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح. وبعد قيام ثورة "21 سبتمر" قررت إدارة ميناء عدن إلغاء الاتفاقية لأنّها اعتبرتها مجحفة بحق اليمن.
ويعود اهتمام الامارات الشديد بالسيطرة على الموانئ اليمنية، الى خشيتها من نهوض هذه الموانئ الإستراتيجية والتي ستؤدي حتماً لفقدان موانئها في دبي وجبل علي للجدوى الاقتصادية، خصوصاً وأن ميناء عدن يقع ضمن خريطة موانئ طريق الحرير البحري (مشروع الصين "حزام وطريق"). وهنا تتوضح أكثر فأكثر إحدى مطامع الإمارات الحقيقية والرئيسية، من خلال مشاركتها في الحرب على اليمن، إضافة لدعم ما يسمى بالمجلس الانتقالي، لضمان استمرار سيطرتها على موانئ عدن والمخا وشبوة والمكلا وسقطرى.
الكاتب: غرفة التحرير