الإثنين 04 آب , 2025 01:57

كتاب: التحكم بالتصعيد.. كيف نضبط التصعيد في النزاعات العسكرية

كتاب: التحكم بالتصعيد

يُعدّ كتاب "التحكم بالتصعيد" (Control of Escalation) للكاتب الأميركي ريتشارد سموك (Richard Smoke)، أحد أبرز الدراسات الكلاسيكية التي تناولت ظاهرة التصعيد في النزاعات والحروب، وسبل السيطرة عليها. صدرت النسخة الأصلية عام 1977، وتمت ترجمته إلى العربية، نظراً لأهميته في ظل تصاعد الحروب المعقدة في عصرنا الحالي.

يرتكز الكتاب على سؤال مركزي: "كيف نضبط التصعيد في النزاعات العسكرية، خاصة حين تصبح السيطرة عليها صعبة أو مستحيلة؟".
يحاول المؤلف تفكيك هذا السؤال عبر تحليل تاريخي واستراتيجي وسلوكي، ودراسة حالات محددة من الحروب الحديثة، مع تقديم أدوات نظرية وعملية لصانعي القرار والمحللين الإستراتيجيين.

تكمن أهمية الكتاب في كونه مرجعًا تاريخيًا للحروب الحديثة حتى الحرب العالمية الثانية، فضلًا عمّا يقدّمه من إطارٍ نظري لفهم التصعيد، وديناميكياته، وطبيعة القيود والحدود السلوكية التي تضبطه. يتميّز الكتاب أيضًا بمعالجة موضوع تسارع التصعيد وكيفية إدارته والتحكّم به، إلى جانب بُعده العملي المتمثّل في تطوير نماذج قابلة للتطبيق لفهم التصعيد بشكلٍ عملي. ويتضمّن الكتاب مجموعة واسعة من المصادر، ما يشكّل إضافة قيّمة للباحثين والمهتمين. كما يساهم في تطوير أدوات تحليل التصعيد وضبطه، في سياق السعي لتجنّب التدهور نحو حرب شاملة.

بنية الكتاب

يتوزع الكتاب على ثلاثة أجزاء رئيسية:

الجزء الأول: مشكلة التصعيد

- يناقش هذا الجزء تعقيدات التصعيد في الحروب، محذراً من خطورته في العصر النووي.

- يعرض الأسباب التي تجعل التصعيد عنصراً دائم الحضور في الصراعات، مع غياب أدبيات كافية لفهمه أو السيطرة عليه.

- يفرّق بين تصعيد العمليات (Operational) وتصعيد الأهداف Goal Escalation.

- يُظهر كيف أن الحرب المحدودة ليست دائماً محدودة كما تبدو، فغالباً ما تنزلق إلى مواجهة شاملة بسبب قرارات أو استجابات غير مدروسة.

- يحذّر من الفرضية المضلّلة التي تفترض أن التصعيد يمكن دائماً التحكم به بطريقة مدروسة.

الجزء الثاني: دراسات الحالة في التصعيد والسيطرة عليه

يقدّم هذا الجزء تحليلاً معمّقاً لـ ست حروب تاريخية، لاستخلاص آليات التصعيد، منها:

- الحرب الأهلية الإسبانية

- الحرب النمساوية البروسية

- الحرب الفرنسية البروسية

- حرب القرم

- حرب السنوات السبع

في كل حالة، يُحلل سموك كيف تطورت القرارات، وكيف فُقدت السيطرة على مجرى الأحداث، وما إذا كانت هناك فرص حقيقية لتجنب التصعيد، لكن لم تُستغل.

الجزء الثالث: نحو السيطرة على التصعيد

- يُحدّد العوامل البنيوية والنفسية والسياسية التي تؤدي إلى التصعيد.

- يناقش ما إذا كان بالإمكان تصميم أدوات تحليلية أو آليات لاتخاذ القرار تتيح التحكم المدروس بالتصعيد في المستقبل.

- يعرض أفكاراً عملية للمخططين العسكريين والدبلوماسيين، مثل تقييم الصراع، والتمييز بين الإشارات العسكرية والسياسية، وتحديد نقاط التحوّل قبل أن يفقد التصعيد السيطرة.

أهم الأفكار والمفاهيم

- التصعيد ليس دائماً قراراً واعياً، بل قد يكون نتيجة تفاعلات عشوائية أو سوء تقدير للطرف الآخر.

- ديناميكيات التصعيد تتبع منطقاً متسارعاً: كل خطوة قد تدفع الأخرى، إلى أن تنفلت زمام الأمور.

- فكرة الحرب المحدودة مغرية لكنها خطيرة: كثير من الحروب بدأت محدودة ثم خرجت عن السيطرة (كوريا، فيتنام، أوكرانيا).

- الردع لا يمنع التصعيد دائماً، بل قد يُفاقمه إذا أسيء استخدامه أو فُهم بشكل خاطئ.

- أهمية نقاط "التمييز البارزة:" مثل الحدود الجغرافية، أو حواجز الأسلحة النووية، التي يمكن استخدامها لردع التصعيد إذا أديرت بذكاء.

- الجهوزية النووية لا تعني السيطرة: بل قد تخلق وهماً خطيراً بإمكانية احتواء الحرب.

بالمحصّلة، يُعدّ كتاب "التحكم بالتصعيد" محاولة رائدة لفهم واحدة من أخطر ظواهر الحروب الحديثة. لا يقدّم وصفات جاهزة، لكنه يسلّط الضوء على ثغرات التفكير الاستراتيجي، ويقترح أدوات تحليل تساعد في منع الانزلاق نحو الكارثة. أهم ما في الكتاب هو تحذيره من الإفراط في الثقة بعقلانية التصعيد، وضرورة التواضع أمام تعقيد الواقع.

لتحميل الكتاب من هنا





روزنامة المحور