شكّلت تحديات انتفاضة الأقصى الثانية منعطفاً مهماً لنقل المقاومة الفلسطينية من القتال بالحجر والسكين الى بداية المواجهة بالسلاح، وحتّى الى إعداد الأرضية للصناعة الصاروخية، فإبان هذه الانتفاضة عام2000 بدأت الصواريخ الفلسطينية تصيب عمق الكيان الإسرائيلي، وكانت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي من أوائل المبادرين الى تفعيل هذه الصناعة وتطوريها، ومن أوائل الذين أصابوا الاحتلال في "تل أبيب".
مراحل تطوّر الصناعة الصاروخية
أكّد المتحدث الإعلامي باسم حركة الجهاد الإسلامي طارق السلمي في مقابلة خاصة للخنادق ان "سرايا القدس بدأت بالأدوات البسيطة والمتواضعة والبدايات بالصناعة المحلية واستطاعت تنفيذ عمليات بشكل مباشر، والاشتباك مع الاحتلال على الحواجز في قطاع غزّة وفي الضفة الغربية المحتلة، وأوقعت الكثير من القتلى والاصابات في صفوف الجنود الإسرائيليين، وتطور التصنيع الصاروخي مّر بعدّة مراحل كانت الاولى الاعتماد على الصنع المحلي".
ويُذكر ان بعض الأدوات التي دخلت في المرحلة الاولى من التصنيع كانت من الأسمدة الزراعية والمنظفات المنزلية ومزيج من الكحول والوقود والسكر، وعدم توفر الـ TNT في البداية لم يكن عائقاً أمام المقاومة فقد تجاوزت هذه المرحلة باستبدال هذه المادة بأخرى محليّة الصنع توازيها بالكفاءة التفجيرية.
ويضيف السلمي انه "فيما بعد دخلت الصناعة الصاروخية في مرحلة ثانية من خلال دعم الجمهورية الإسلامية في إيران ومحور المقاومة للمقاومة الفلسطينية، وحملت هذه المرحلة نقل شيء مهم في الصناعة العسكرية لتطوير قدرات المقاومة في قطاع غزّة، وبذلك وصلت الى مرحلة تصنيع وتطوير الصواريخ وإطلاق بعض المسميات على هذه الصواريخ، وخير دليل ان في أي معركة كان يرمى صاروخ ويطلق له إسم يحمل من مواصفاته وميزاته".
الصواريخ التي وصلت الى غزة
من أهم الصواريخ التي وصلت الى قطاع غزّة رغم الظروف والحصار كانت منذ عام 2006 صواريخ "غراد" الروسية برأس حربي يحمل 18 كلغ من المتفجرات وبمدى 20.5 كلم، ثمّ صاروخ 107 بنوعيه التدميري (أخضر بطول 79 سم)، وحارق (فيه خط أحمر دائري بطول 85 سم ومداه 12 كلم) وأهم ميزاته النوعية الجديدة التي دخلت لأول مرّة كانت انه مضاد للدروع والافراد ويمكن رمايته بسبطانة واحدة، ويأتي على شكل راجمة 12 صاروخاً.
و عام 2012 استقدم صاروخ "فجر 5" برأس حربي يزن 90 كلغ من المواد المتفجّرة وبمدى 75 كلم، وصاروخ "مالوتكا" مضاد للدروع من الجيل الأول مخصص للرمي على الأهداف المدرعة والآليات والتحصينات،و يوجه بواسطة سلك في أثناء الطيران، ويعرف بالتسمية الغربية بـ AT-3Sagger ويصل مداه الى 3000م.
كما دخلت صواريخ "سام -7" المضادة للطائرات، وصواريخ ميثاق الإيرانية التي هي أيضاً مضادة للطائرات، بالإضافة الى "الكورنيت" المضاد للدبابات بمدى يتراوح بين 100-5500 م وبمدى يصل الى 3000م للعمل الليلي، ويتم توجيه هذا النوع عبر الليزر بقدرة اختراق للدروع التي تصل سماكتها الى 1200م.
ويؤكد المتحدث الإعلامي باسم الحركة ان تطوير القدرة الصاروخية هي "من أجل إيصال رسالة للاحتلال ميدانية وعملية، بأن سرايا القدس قد أعدّت العُدّة، وهي على استعداد للمواجهة والقتال من أجل دحر هذا المحتل، وهذه الصناعة في تطوّر مستمر، وفي جعبة السرايا الكثير مما لا يعلمه الاحتلال، ولكن هو متروك للميدان كي يفاجئ هذا الكيان، وهي من تحدّد في ساعة الصفر ما لديها من قوّة وأسرار، ولكن نستطيع ان نقول ان المقاومة الفلسطينية تؤكد بأن لديها مخزون صاروخي حيوي".
دقة في الصواريخ
وعن تطوير عامل الدقة في الصواريخ يشير السلمي الى انه "طالما بدأت الإرادة الفلسطينية بالسكين والحجر وصولًا الى السلاح والى الصواريخ، وهذا ما يخشاه الاحتلال حقيقةً ان تصل المقاومة الى إطلاق هذه الصواريخ بشكل دقيق على الأهداف الإسرائيلية، ولا يُستبعد وجود وتطوير هذا العامل، و في معركة سيف القدس كان هناك استهدافات دقيقة، وقد تعلن المقاومة عن ذلك في المعارك القادمة، وهو أمر متروك للقيادة العسكرية في سرايا القدس وهي من تحدّد هذا الأمر".
الكاتب: غرفة التحرير