منذ 17 تشرين الأول من العام 2019، ولبنان يعيش كباشًا سياسيًا بين محورين، يبدو ألا مجال لحسم نتيجته سوى من خلال الانتخابات النيابية المقبلة في العام 2022. وسرعان ما انبرى العديد من الاشخاص والنخب، الى دعوة الناس لمقاطعة الانتخابات، بحجة انها لن تقدم أي تغيير حقيقي.
الدكتور بلال اللقيس، في حوار خاص مع الخنادق يؤكد أهمية المشاركة الشعبية في الانتخابات، لا سيما من البيئة الشعبية الحاضنة للمقاومة:
نحن لا ننكر ان المجتمع يتألم، وربما يقول البعض أن بيئة المقاومة هي الأقل تألماً، ربما نوافقهم على ذلك. لكننا اليوم بالنهاية كحزب الله، المفترض أننا كحزب معنيون بكل لبنان، ويخدم كل لبنان، ويتطلع الى كل البلد. فهو يتألم للواقع في الساحة السنية، أو للواقع في الساحة المسيحية، التي تستنزف في طاقاتها وأناسها، بعد هذا الضغط الذي يقوده الأمريكيون، تحت عنوان: لكي تكملوا وتجدوا مستقبل في لبنان، انفضوا عن حزب الله ولا تتحالفوا معه وواجهوه، وتخلوا عن التيار الوطني الحر لأنه حليف الحزب. انظروا الى أين وصل مستوى الصلافة، وانتهاك السيادة اللبنانية والتدخل في التفاصيل!
بكل الأحوال، نحن نعترف أن أمامنا صعوبات. ولكن هذا المسار لا يمكننا إلا أن نخوضه ونكمله، وهذا ما بدأنا به. مسار مواجهة الفساد، والاستمرار ببناء لبنان والدولة فيه، مسار نحن معنيين بإكماله. ربما يأخذ وقتاً أكثر مما يتصوره الناس، لكن لا يوجد حل آخر غيره.
يمكن أن يأتي بعض الأشخاص ويقول: ما هي النتيجة؟ أو طالت المدة! أو لم نشهد بالناتج حتى الآن الكثير من المتغيرات.
أنا أقول:
أولاً، بالعكس نحن شهدنا بالناتج العديد من المتغيرات. وبالطبع لم تكن ضمن الطموح، لأن الأخير أكبر من ذلك.
ثانياً، لنفترض أن أحد الأشخاص قال بأنه لن ينتخب، لأنه لن يؤدي ذلك الى حصول تحولات في الساحة اللبنانية. لذلك أقول له، بان هذا الفعل في الحقيقة يؤذي فقط حزب الله.
بمعنى، أنه في حال وجود طرف يمكن التعويل عليه، ليكون جدياً وقادراً ولديه مشروعاً، وقادراً على أن يكون جسر وصل في الساحة اللبنانية، وقادرًا أن يضغط فيها، وهو صادق في الدفاع عن الشعب اللبناني ككل، وهو صادق في حماية حقوق الفقراء والمعوزين، وهو صادق في رفع لواء المحرومين.
إذاً لو جئنا لنقول إن هناك جهة هي الصادقة بل الأصدق، يمكننا التحدث في ذلك عن الحزب، فهو الاصدق وهو الاقدر. لكن لا أقول القدرة المطلقة، بالنهاية هناك أطراف أخرى. لذلك عندما تقول بأنك لن تصّوت لهذا الطرف تحت اعتبار معين، معناه هذا الطرف الذي يمكن -أؤكد على فعل يمكن- أن يكون لديه إمكانية تغيير، أو الدفع نحو التغيير، فبذلك تكون قد خسرته صوتك، وأفقدته شرعية خوض هذه المعركة في المرحلة المقبلة.
فلصالح من؟ نحن بعدم التصويت، نكون قد خسرنا أمرين: خسرنا الامكانية في إحداث تطوير ما في الاقتصاد، أو تحسينه أو الضغط في سبيل ذلك. أما الأمر الآخر، فهو بأننا نكون قد مكنّا الأمريكي سياسياً من حزب الله. أي من خلال الابتعاد عن المشاركة في الانتخابات، سنخسر في مسألتين، عبر خسارة إمكانية التغيير الاقتصادي بالاعتماد على حزب الله كـ "عمود خيمة"، والامكانية الثانية هي الخسارة السياسية من خلال تمكين الأمريكي.
لأن الأمريكي حين يستثمر في موضوع "مواجهة الفساد"، من سيكون هدفه في الحقيقة؟ لا يمكننا الاختباء وراء اصبعنا، نحن نعرف ونفهم جيداً، أن المعركة اليوم في لبنان، بمعزل عن كل التفاصيل، هي بين المقاومة والقوى السيادية الحقة، وبين الأمريكي ولننسى كل الأدوات، أمثال سمير جعجع وغيره، هؤلاء ليس لديهم أي اعتبار.
فلننظر اليوم الى السفيرة الأمريكية ماذا تفعل، هي تنشط في المنظمات غير الحكومية NGO’s، وهي التي تدير المعركة الانتخابية، من خلال التدخل بالشخصيات التي يجب أن تترشح من عدمه. والسفيرة أيضاً هي التي تقوم بتطوير سفارتها، وهي أيضاً تجري اتصالات في القضاء، وتجري اتصالات ايضاً بقيادة الجيش والقوى الأمنية. والسفيرة الأمريكية تجري اتصالات في المناطق، حتى أنها دخلت الى البيئة الحاضنة للمقاومة، وآخرها الزيارة الى المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى. إذاً كل هدفهم وبالعمق هو: رأس المقاومة بالمعنى السياسي.
إذاً عندما الشخص لا يذهب الى الاقتراع، ماذا يكون قد حقق من ذلك؟ سيتحقق ما هو في صالح الأمريكيين، ولن يتحقق ما هو في صالح هذا الشخص عملياً، ماذا سيستفيد إذاً؟
وقد يقول البعض: إن لم أصوت فماذا أكون قد فعلت؟ أو إذا صوتت لشخص آخر؟
يعني هل تفترض بذلك أنه قد يكون هذا الشخص أقدر من حزب الله، في خوض المعركة الاقتصادية والسيادية في البلد؟
إ ذا كان هناك شخص آخر فدلني عليه، الـ NGO’s!!
غياب البديل الصادق والقادر على التغيير
نحن نعلم أن الفرد منا قد يكون موجوعاً، أو قد تعب من هذه الحال. والموجوع اليوم لا يفكر في جوعه، وانا موافقكم في ذلك. والسيد حسن نصر الله (الأمين العام لحزب الله) عينه تدمع لذلك، ونحن أيضاً كذلك.
لكن في نهاية المطاف، من هو الذي يستطيع النهوض في هذه المهمة؟ هل هم الـ NGO’s، أو سمير جعجع، أو الكتائب، أو غيرهم من الأحزاب التابعة لأمريكا؟ من، هل هو تيار المستقيل؟
بالأصل من هو الذي صنع الفساد في هذا البلد؟ 90% من الذين أوصلوا البلد لهذا الحال من الفساد، هم "جماعة أمريكا". من زمن "السين – سين" أي التفاهم السعودي السوري، وكلنا نتذكر، السوريين تولوا الشؤون الأمنية والسياسية، والاقتصاد تولت شؤونه السعودية وحلفاء أمريكا. وحتى الآن، فإن الاقتصاد تتولاه السعودية وأتباع أمريكا.
ماذا تمتلك المقاومة من الوكالات (التجارية) في الساحة اللبنانية؟ ماذا تمتلك في الاقتصاد؟ أو في المصارف في الساحة اللبنانية؟ إذاً كل هؤلاء أي جماعة أمريكا، هم من أوصلوا حال البلد الى ما هي عليه الحال اليوم. وأمريكا اليوم هي التي تستثمر مع جماعتها، من أجل الانقلاب علينا، وتتهمنا بأننا نحن رعاة الفساد، وما إلى هنالك من سخافات وكذب.
فماذا تريد منا؟ أن نكون نحن رعاة الفساد، أو نحن معنيون لكي نثبت صدقنا، أن نذهب لمواجهة مباشرة مع الفاسدين، أي أن نتوجه الى فتنة لا نهاية لها في هذا البلد. وعليه فإذا كانت جادة فعلياً وصادقة في مواجهة الفساد، فلتغلق لهم "الحنفية"، لأن أموالهم موجودة لديها، وقدمي بذلك الخدمة للبنانيين، والمسيحيين قبل المسلمين.
فليتوقف الأمريكيون عن الكذب على الناس، والشعب اللبناني "المعتر".
المرحلة المقبلة هي مرحلة الهجوم
بالنهاية هناك مرحلة قد انتهت، مرحلة السكوت والمراعاة. المرحلة المقبلة هي مرحلة الهجوم، ووضع "الأصبع" في عيونهم (الفاسدين الحقيقيين). لأنهم هم من سرق ونهب البلد، وأوصلوه الى ما وصل عليه. واليوم هم من يتبجح بالإشارة الى حزب الله.
لقد انكشفت الحقيقة، فمعركتكم هي مع حزب الله، لأنه قوة سيادية تردع إسرائيل، ولأنه قوة تهدد أمن إسرائيل. معركتكم مع حزب الله، لأنه مقاومة، بنت تحالفًا مع أقوى قوة مسيحية. معركتكم مع الحزب لأنه قوة سيادية حقيقية، ولأنه بالرغم عنكم يمتلك شرعية حقيقية في لبنان. لذلك تأتون من أجل طعن الحزب من خلال هذا المدخل.
لذلك ما أريد قوله، هذا المدخل "مردود"، ولذلك على بيئة الحزب وناسه أن تلتفت، الى أنه لن يكون هناك أي جهة أفضل من الحزب كقوة، يثق الفرد فيها، من أجب تحقيق مصالحه الاقتصادية، ومصالحه السياسية والسيادية، ولا ينبع ذلك بسبب تأييدي للحزب، ولي الشرف في ذلك، بل لأن هذه هي الحقيقة. وأي قوة ثانية إن كانت مما تبقى من 14 آذار، الذين سرقوا البلد، أو إن كانوا من جمعيات الـNGO’s الذين يعملون لدى السفارات. هل هم الجهة التي يمكن التعويل عليها، هؤلاء الأثرياء الجدد، الذين أسميهم بالـ NSO أي المجموعات اللاسيادية؟ هؤلاء من يقبضوا من السفارات، من أجل خلق الفتن والتهجم على السيد نصر الله، هل هم الجهة التي يمكن التعويل عبها في إنفاذكم اقتصاديا؟ أم هؤلاء الذين يسفرون عن وجوههم وحقيقتهم، من خلال استعداداهم للتطبيع غداً مع الكيان الصهيوني، الذي قدمنا في مواجهته، آلاف الشهداء من سنةٍ وشيعةٍ ومسيحيين. والامريكي يقايض في هذا الاتجاه لتحقيق التطبيع، مقابل السماح لنا باستخراج النفط والغاز. إذا كل ما نواجه من ضغوط، هو من أجل إسرائيل.
لنكمل مسار الـ 40 سنة من الانتصارات
أقول لأهلنا وشبابنا وناسنا، 40 سنة راكمنا انتصارات وانجازات، الأمريكي هو من يواجهنا اليوم، وانسوا بعض الفاسدين الصغار، وأنا بالنسبة لي احتقر كل انسان فاسد. لكن لننسى هذا الموضوع مع أهميته، لكن من أجل تنظيم الأمور، خصوصاً بعد حركة 17 تشرين العفوية والصادقة، لكن لو استمرينا في هذا المسار كان البلد سيدخل في مشكلة خطيرة. عندها سيقول أي فرد، علينا أن نحافظ على النظام، وعندما يتجه للمحافظة على النظام، ساعتئذ قد يستفيد بعض من في هذه المنظومة، "مش غلط" ولا أقول "لاء" للصراحة. ولكن بالنسبة له أنه المهم هو المحافظة على النظام، لا سيما عندما تلوح الفوضى في الأفق، وهو ما يشكل أخطر ما قد يتعرض له البلد. حينها سيعاني البلد من أزمة اقتصادية وأزمة مالية وأزمة أمنية وأزمة سياسية، ونذهب الى الفوضى، وهذا ما تريده إسرائيل وابن سلمان وأنتم تعرفون ذلك.
هل تريدون منا الذهاب الى ما يريده الأمريكي والسعودي وابن سلمان والكيان الصهيوني، أكيد لا، وبالتأكيد أنتم ضنينين على مقاومتكم.
لذلك قد تضطر المقاومة تأخذ خيارات، تشبه الى حدٍ ما حبة الدواء و "البانادول"، لناحية الأعراض الجانبية. وفي مرات عديدة يستغل الفاسدون لحظة الاهتمام بحماية البلد، من أجل تثبيت أنفسهم. لكن المسار يتجه الى مزيد من الضعف بالنسبة للفاسدين، والطبقة الفاسدة في لبنان. المسار يتجه الى المزيد من تعزيز نفوذ، القوى الصادقة والاصلاحية في لبنان. لذلك فلتنظروا الى معركة مكافحة الفساد وبناء الدولة على أنها مسار، وعلى أنها ليست معركة لحظية ظرفية، بل هي مسار كما معركة المقاومة السياسية والعسكرية. بدأنا هذا المسار، ونحن صادقون إن شاء الله، وسنكمله وإياكم. يجب أن تساعدونا في هذه المعركة، وان تكونوا في جانبنا، ويجب ألا "تعرونا" في هذه المعركة كما ينتظر ذلك منكم الأمريكي.
كما أنه لا يوجد بديل أو طرح آخر أمامنا، والذين يفترضون بأننا نستطيع إزالة النظام السياسي أو نغيره، أو نقلب الطاولة وما الى هنالك، كل هذه الأمور هي فرضيات غير منطقية. في لبنان لا يمكن أن يكون هنالك مقاربة ثورية، راجعوا التاريخ من العام 1840 حتى اليوم، لا يمكننا أن ننجز مقاربة ثورية "ما بتزبط"، وهي غير صحيحة ولا تتوافق مع ثقافتنا.
الصبر والثقة بالسيد نصر الله هما الطريق الوحيد لتحقيق النصر
لذلك اصبروا وثقوا بالله وبمقاومتكم وقيادتها، والله أنني عندما أقول اصبروا أنا أعرف ما هو الوجع. ثقوا بهذا الرجل الذي اسمه السيد حسن نصر الله، وأنتم طوال حياتكم وثقتم به. هذا الرجل يحمل في قلبه وروحه وعقله حبكم، وهو يبكي من أجلكم وهمكم، وهو جاهز لأن يقدم نفسه وأن يضحي بها من أجلكم. هو يحسب الخطوات بغاية الدقة "عالليبرة"، ويحسب الخطوات بميزان من ذهب. من خلال كيف تسيير الإصلاح الاقتصادي والإصلاح السياسي، دون أن الأمريكي الذين واجهتموه وقدمتم الشهداء خلال 40، 50، 60 سنة في مواجهة الأمريكي والإسرائيلي في لبنان. كيف سينجز ذلك؟
هذا الرجل حريص جداً، فهو يعطف هاتين النقطتين على بعضهما البعض، وهو يسير بذلك خطوة خطوة. لذلك يجب علينا ألا ننفعل لا سمح الله، يجب علينا ألا نسمح للأمريكي بأن يفعل فينا كما فعل عمرو بن العاص مع الإمام علي في لحظة من اللحظات، خلال المواجهة مع معاوية. ما نخلي لا سمح الله، كما صار خلال رفع المصاحف على الرماح، هذه اللعبة التي كانت بأنكم تقاتلوننا من أجل القرآن. واليوم الأمريكي يقول لنا بأن كرامتكم هي جوع وقتال، والمقاومة مع لقمة العيش لا تلتقيان. من قال إن هذا الأمر صحيح! وأن المقاومة ولقمة العيش لا يلتقيان!، وأنهما نقيضين لبعضهما البعض!
ما أقوله إن المقاومة ليست فقط شرط بناء سيادة، وليست فقط شرط بناء سياسي، وليست فقط شرط تحرر سياسي وعسكري والخ.. إنما هي أيضاً شرط نماء. بالمقاومة تنمو الدول، وبالمقاومة أيضاً تنمو المجتمعات وينمو الاقتصاد، وبثقافة المقاومة نتقدم، وهذه ما تثبته الوقائع في الإقليم وفي العالم كله. وهذا الأمري ليس ادعاءات مني، فلتنظروا الى مراكز الدراسات ماذا تقول.
لذا عندما يأتي أحد ويضع خيار المقاومة بالتوازي مع الجوع، ويقول بأنكم مع المقاومة إذاً أنتم مع الجوع، فإن هذا غير صحيح. فنحن لدينا خيارات ثالثة، ولدينا القدرة على الوصول اليها.
ما الفائدة من المشاركة الكثيفة في الاقتراع
قد يقول البعض وهل تستطيعون الوصول اليها؟
أريد أن أقول التالي:
أولاً، نحن إذا لا سمح الله، فازت قوى 14 آذار وأمريكا بالانتخابات النيابية مع جمعيات الـ NGO’s، إذا تم ذلك، وإن شاء الله لن يتم ذلك، فمن هم كي يفوزوا فيها، وهم في ظروف أفضل لهم في الإقليم ولم يستطيعوا تحقيق ذلك، هل سيستطيعون تحقيق ذلك الآن؟!
على كل حال، لنفترض أنهم استطاعوا تحقيق ذلك، فإن الأمريكيين عندئذ سيأخذوننا الى 100 "مشكل" في لبنان، و100 سيناريو يمكن لكم أن ترسموه في ذهنكم، لمشاكل وألغام وضعها الامريكيون للمقاومة في لبنان.
أما إذا ربحنا نحن الانتخابات، فنكون بذلك في الدرجة الأولى قد حصننا أنفسنا سياسياً في مواجهة الأمريكيين. ولا يقل لي أحد عندها "سمير جعجع" أو أي من أدواتها، فهم الآن في ضعف، والمواجهة لم تعد مع الأدوات، بل مع الأمريكيين مباشرة.
إذا عندما نفوز بالانتخابات، نكون قد حصننا أنفسنا سياسياً، وبات لدينا ورقة، نؤمن من خلالها الحماية السياسية لنا، ونعطي من خلالها الشرعية والزخم لمشروعنا والقوة.
ثانياً، إذا سألتموني عما يمكننا فعله في الاقتصاد، عندها سأقول لكم التالي:
هناك 3 تحولات قد يساعدوا وقد ينتجوا فرصة، لا أضع لهذا الاحتمال نسبة مئوية كاملة، كي لا أطالب بذلك غداً. بل ما أقوله بالتحديد أن قد تنتج هذه التغيرات فرصة جدية للساحة اللبنانية على المستوى الاقتصادي.
أما التغيرات فهي:
1)هناك تحولات دولية متسارعة خلال الـ 4 سنوات القادمة، ولن يكونوا كما كانت عليه الحال في السنوات الأربع الماضية. لأن احتدام الصراع الأمريكي الصيني، سيفرض على الصيني مزيداً من الجرأة والاندفاع لتثبيت مواقع له في ساحة إقليم الشرق الأوسط، ومؤشر ذلك هو ما حصل مع إيران بالنسبة لمنظمة شنغهاي. واعتقد انه من خلال المؤشر السوري ولاحقاً اللبناني، سنرى أن الصيني مندفع للمزيد من الحضور في الساحات التي يعتبر انه قادر فيها على ذلك، ويثبت فيها مواقع النفوذ وحضوره فيها. وبالتالي فإن هذه الساحات هي سوريا وبالتالي لبنان أيضاً.
والروسي أيضاً ذات الأمر، وهذا ما شهدناه مؤخراً من اهتمام روسي واستثمار مالي و"طاحش" من أجل إملاء الفراغ الذي من الممكن للأمريكي أن يتركه.
2)على مستوى التفاهم الجزئي الأمريكي الإيراني، قد يتيح هذا الاتفاق الجزئي (التراجع خطوة خطوة) لإيران المزيد من الاستثمارات مع الحكومة اللبنانية، لأنه كما تعرفون لا يعود وقتذاك هنالك وجود لعقوبات. وبالتالي دعوى العقوبات التي كان يطلقها سمير جعجع وغيره، لا يبقى لها مكانة، وعندها تستطيع إيران أن تنفذ عدة مشاريع بالساحة اللبنانية، وهذا ما يكون مدخلاً للاقتصاد.
3)عودة سوريا الى جامعة الدول العربية، أيضاً هذا الامر سوف يضفي مزيداً من الشرعية على النظام السوري، وبالتالي سندخل في مرحلة "إعادة الإعمار"، وبعد هذه المرحلة قد يكون لبنان منفذاً جدياً. وصدّقوني في مرحلة إعادة الإعمار، سيكون "ماكرون" وغير "ماكرون" من السبّاقين من أجل الاستثمار اقتصادياً، لأن الأوروبيين ينظرون الى الكون والبشر انطلاقاً من المال، لا قيم ولا من يحزنون، وكل ما تشاهدوه على صعيد الحريات وما الى هنالك ما هي إلا بعض الأكاذيب على الناس. لذلك عندما ينظر الى الأموال والاستثمارات في سوريا، عندها سيدخل لمنافسة التركي، وساعتئذ يصبح لبنان ضرورة للفرنسيين، وعندها يستفيد لبنان من إعادة إعمار سوريا، ويكون هناك مشروع ضخم.
ثالثاً في الداخل اللبناني، القوى الفاسدة والفاسدون باتوا أضعف من السنوات الماضية، والقوى التي تنشد الإصلاح وتعمل بجد من أجله، سيتعزز موقفها في الفترة المقبلة، خصوصاً إذا ربحت الانتخابات. لأنه حينئذ ستقول للأمريكي، أنتم كنتم تدعون انتقاص الشرعية وعدم تمثيلنا (الشعبي)، ها أنا اليوم أخوض الانتخابات وامثل الشرعية الأكبر على المستوى الديمقراطي في لبنان. وهذا ما سيعطي الزخم لهذه القوى، ومن بين هذه القوى حزب الله، من أجل خوض معركة مواجهة الفساد لبناء الدولة بطريقة أشجع. وقتئذ يكون لدينا حكومة، ونسكت جميع من يدعي بأننا لا نمثل، ونقول بأنه يمكننا مد اليد الى جميع الاتجاهات، حتى نبدأ عملية التحسين الاقتصادي. وفي موضوع الغاز والنفط، نستطيع من خلالهما الفرض على الإسرائيلي الكثير من الشروط.
إخواننا أخواتنا، إذا لم نأخذ الانتخابات نعرض أنفسنا لسيناريوهات، وإذا ربحناها نكون قد دفعنا مفسدة أولاً، وثانياً التأسيس فرص يمكن أن تكون خلال الـ 4 سنوات المقبلة.
كلمة الختام
العاقل والشخص المسؤول حينها ماذا يقول؟ الوطني، الموجوع المتألم، على من نستطيع التعويل؟ هل هناك غير السيد حسن نصر الله اليوم بوجهة نظري طبعاً، فهناك أيضاً آخرين. لكن هل هناك أكثر من السيد حسن نصر الله شخص لديه مصداقية، يمكن أن يعول عليه انسان، لرفع المظلومية عن الواقع اللبناني، إذا وجد هذا هكذا شخص أخبروني على أي شخص نعتمد. لا سمح الله لن نكون – سامحوني سأذكر فكرة دينية انطلاقا من أدبياتنا تنفع للجميع – كما أخطأ جيش علي بن أبي طالب (ع)، في خديعة عمرو بن العاص مع معاوية، وفي تلك اللحظة خطأ تكتيكي ولكنه دفّع العالم الإسلامي ومن ثم العالمية الإنسانية، ثمناً باهظاً حتى اليوم، ربما في مكان ما، اننا في زمن الخطأ التكتيكي قد تكون كلفته استراتيجية. لذلك أتمنى عليكم حبأً وصدقاُ ومن منطلق ايماني ووطني واخلاقي وانساني، لا تخطئوا هذا الخطأ التكتيكي، بأن يقول بعض الأشخاص "انا مع المقاومة بكل ما تريد عند حصول المعركة العسكرية، لكن ليس لدي أي حماسة للانتخاب". اذهبوا الى التصويت، إنها معركة بالعمق مع الأمريكي، ولنسدد السهم في رقبة "بايدن" وإدارته. هذا يرضي الإمام الحسين ويرضي الإمام علي، ويرضي كل أحرار العالم، وكل شرفاء العالم، وكل شهدائنا، الذين كان هدفهم اولاً وآخراً: كرامتكم على امتداد كل الساحات، والنهوض بمسار تحرري واستنهاضي على امتداد الأمة.
لمشاهدة المقابلة الكاملة رابط موقع يوتيوب
الكاتب: غرفة التحرير