هآرتس: جنين ستكون أرضاً خصبة لتنشئة جيل مقاتل

أخفق كيان الاحتلال في تحقيق أهدافه في العملية التي شنها في مخيم جنين. وفي الوقت الذي تتركز فيه التحليلات الإسرائيلية على إحصاء الخسائر والتكاليف المباشرة للكيان، تقول صحيفة هآرتس العبرية ان هناك ثمناً ستدفعه إسرائيل في وقت لاحق. وأشارت في تقرير لها: "قد تنجح إسرائيل في إحداث نوع من الهدوء المحدود في الضفة الغربية، لكن الصور من جنين ستكون أرضا أكثر خصوبة لتنشئة جيل آخر لا يرى مستقبلاً ومستعداً للقتال".

النص المترجم:

سيوضح الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي ورئيس الوزراء ووزير الدفاع أن أهداف المهمة قد تم إنجازها - تم ضرب مسلحين واعتقال مطلوبين والاستيلاء على الذخائر وتدميرها. كل هذه الإنجازات - مع عدم وقوع إصابات إسرائيلية تقريبا، باستثناء جندي واحد أصيب بجروح طفيفة - ستزيد من الشعور بالرضا في إسرائيل.

وبالنسبة للجمهور الإسرائيلي، فإن عدد الفلسطينيين الذين قتلوا وجرحوا، أو الأضرار الواسعة النطاق التي لحقت بالبنى التحتية، لا يمكن أن تحجب الشعور بالنصر. كل عملية لها ورقة رسائل، وهذه المرة لا تختلف. ويشكل كل فلسطيني خطرا محتملا على الأمن الإسرائيلي، وبالتالي فهو هدف مشروع. لا يجري أي نقاش جاد حول جوهر الصراع وآثاره.

عملت إسرائيل لأسابيع للتحضير للعملية. وظهرت عناوين رئيسية تعلن الحاجة إلى عملية واسعة النطاق، ونشرت الإشارة إلى جنين باعتبارها "عاصمة الإرهاب الفلسطيني" في الوعي العام. الاعتقالات المتكررة والاغتيالات المستهدفة خلال الأشهر الستة الماضية لم ترض أولئك الذين طالبوا بعملية أوسع في ضوء الهجمات في الضفة الغربية، بما في ذلك الهجوم الأخير في عيلي. وإذا لم يكن ذلك كافيا، فإن محاولة إطلاق الصواريخ من الضفة الغربية باتجاه سكان وادي يزرعيل في الأسبوع الماضي هبت الرياح في أشرعة أي قرار عملياتي، من يائير جولان إلى يوسي داغان. كل ما تبقى هو تحديد الوقت، الذي جاء يوم الاثنين، بعد نهاية عيد الأضحى، عيد الأضحى الإسلامي.

سيعود الإسرائيليون إلى طبيعتهم في غضون أيام قليلة، وهم يتوقعون من الفلسطينيين أن يفعلوا الشيء نفسه - لعق جراحهم ودفن موتاهم والمضي قدما. لن يبدي أحد أي اهتمام بالمستقبل، أو يفكر في مخطط للاتفاق، لأن إسرائيل ترغب في ترسيخ واقع اعتاد فيه الفلسطينيون على العيش تحت الاحتلال والسيطرة الإسرائيليين، وإدارة شؤونهم المدنية من قبل سلطة فلسطينية متعثرة. من وقت لآخر، هناك عملية عسكرية محدودة، والتي تقابل بصمت مدوي من قبل المجتمع الدولي، وخاصة العم سام. مسألة السيطرة على الفلسطينيين لا تهم صناع القرار. بالنسبة لهم، يمكن للشعب المختار أن يحكم إلى الأبد، والفلسطينيون لا يستحقون مستقبلا ويجب على الشباب الفلسطيني قبول الوضع.

قبل عقدين من الزمن، شرعت إسرائيل في عملية أوسع نطاقا ضد المسلحين في جنين، ثم دعمها زعيم مثل ياسر عرفات، وأفضل تنظيما وتمويلا. اليوم، تحارب إسرائيل أولئك الذين كانوا رضعا وأطفالا صغارا في ذلك الوقت، أو لم يولدوا بعد على الإطلاق. نشأ الجيل الذي ولد بعد اتفاقات أوسلو على دمار عام 2002، وعلى الغطرسة والتحدي الإسرائيليين، واللامبالاة الدولية، وتفكك الوحدة الوطنية الفلسطينية. لقد نشأ جيل من الشباب الغاضبين والمحبطين واليائسين، الذين ليس لديهم هدف سوى حمل السلاح وإطلاق النار. بالنسبة للرأي العام الإسرائيلي، ربما تكون صورة النصر قد تحققت، لكن كل عملية من هذا القبيل تمهد الطريق لمزيد من جولات القتال وسفك الدماء.

قد تنجح إسرائيل في تحقيق نوع من الهدوء المحدود، لكن الصور من جنين ستكون أرضا أكثر خصوبة لتنشئة جيل آخر لا يرى أي مستقبل. وفي الوقت نفسه، تسحق إسرائيل السلطة الفلسطينية، التي من المفترض أن تكون مسؤولة عن المنطقة. وفي ظل الظروف الحالية، فإن هذه العملية أيضا ليست سوى حلقة أخرى في السلسلة الدموية.