يبدو أن الحرب التركيبية بنسختها السورية الجديدة قد بدأت هذه الأيام، وتدور حلقاتها الأولى في منطقتي السويداء ودرعا، مع محاولات لإشعالها أيضاً في مناطق سورية أخرى، تحت ستار الاحتجاج الشعبي على الأوضاع الاقتصادية المتردية والصعبة.
لكن ما يؤكد بأنها لسيت سوى نسخة جديدة للحرب التركيبية، هو استثمار الجهات المعادية للدولة السورية لها، أي المعسكر الغربي الأمريكي الإسرائيلي، وما يتبعه من دول عربية ووسائل إعلامية ومنصات تواصل اجتماعي، بعد أن عجز هذا المعسكر خلال العقد الماضي، من تحقيق أهدافه بالعسكر والسياسة.
فكل الاحتجاجات التي تحصل حالياً في منطقة السويداء، هي ليست احتجاجات معيشية بريئة (كما يصوّرها البعض ويدعو الى دعمها)، بل تصبّ في خدمة أجندات ومصالح أمريكية وإسرائيلية وغربية، ترفض استقرار الأوضاع في هذا البلد، وتريد الإمعان في حصاره وتمزيقه وتدميره. ومن غير المستبعد أن تكون مرتبطة بالهجمات التي نفذها تنظيم داعش الوهابي الإرهابي مؤخراً، وآخرها حادث الانفجار في منطقة السيدة زينب (ع).
لذلك أن تحتجّ على الأوضاع الاقتصادية السيئة التي لا تميّز منطقة سورية دون أخرى هو مسار طبيعي ومشروع ومحقّ، لكن ما هو غير طبيعي ومشروع أن تحرّض الناس على الفوضى وإثارة المشاكل الأمنية وصولاً الى حد إيقاع الفتنة والتشجيع على العصيان وإحياء مشاريع تقسيمية قديمة جديدة، فهو لأمرٌ خطير، لا يمكن التساهل معه أبداً، لأنه سيكون مسّاً بالأمن القومي للبلاد، ويقدّم الخدمة لأعداء سوريا لا غير ذلك (خاصة الكيان المؤقت لقرب هذه المنطقة جغرافياً منه).
فهناك مجموعات في هذه المنطقة، تتعمّد حصول حالة الشلل في هذه المحافظة، من خلال فرض إغلاق الكامل على المؤسسات والمحال التجارية، ومنع توجه الموظفين إلى عملهم في المؤسسات الحكومية، وغيرها من المؤسسات الحيوية كمحطات الوقود والأفران والمخابز. كما قامت هذه المجموعات بقطع الطرقات، وعمد بعض أفرادها الى حمل الأسلحة، ورفعوا شعارات لا تتعلق البتة بالمطالب الاقتصادية المحقة، بل بشعارات سياسية تذكّر بما حصل خلال في بدايات الحرب على سوريا عام 2011.
وكما حصّل في ذلك الوقت، لاقت هذه التحركات التخريبية والشعارات والهتافات التي أطلقت، تغطية إعلامية كبيرة من قبل مواقع ووسائل إعلام أجنبية وعربية (من اللافت إعطاء قناة الجزيرة هذه التحركات حيزاً كبيراً في تغطيتها)، بشكلً يقدّم الاحتجاجات أكبر مما هي عليه في الواقع.
لا خيار سوى التمسك بالدولة
لكن بعيداً عما تنقله الوسائل الإعلامية المعادية لسوريا، دولةً وشعباً، فإن ليس أمام أي مواطن سوري أينما تواجد، سوى التمسّك بخيار الدولة وأن تأتي الحلول اقتصادية كانت أم سياسية عبر الدولة لا غير، لضمان وحدة الأرض والشعب والاستقرار.
وهذا ما عبّر عنه الأسير المحرّر صدقي المقت (ابن بلدة عين شمس في الجولان المحتّل)، حينما دعا أهالي محافظة السويداء إلى رفض الفوضى والفتنة، ونبذ كل مثيري الشغب والفلتان، وتحكيم العقل والحكمة، وعدم الانجرار وراء مثيري الفوضى المرتبطين بأجندات خارجية معادية. مشدداً على ألا خيار أمامهم سوى خيار التمسك بالدولة الوطنية السورية. وأهاب المحرّر المقت بالجميع، أن يلتفوا حول الدولة ومؤسساتها، وفي مقدمتها الجيش والعلم، وأن ينبذوا أي مشاريع طائفية أو مناطقية تمس وحدة الوطن، وفي الوقت ذاته معالجة الأوضاع المعيشية الصعبة والمطالب المحقة من خلال الحوار والتفاهم مع الدولة.
السبب الأول للمشكلة الاقتصادية هو الحرب المفروضة أمريكياً
ولا يخفى على أحد، أن السبب الرئيسي فيما يعيشه السوري من مشاكل اقتصادية، هو إجراءات الحصار القسرية غير الشرعية التي اتخذتها الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي من جانب واحد. بالإضافة الى ما تقوم به قوات تحالف الاحتلال الأمريكي الغربي المتواجدة في قاعدة التنف ومنطقة شرق الفرات، من نهب للثروات الوطنية السورية (قمح ونفط).
لذلك، فإن تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للشعب السوري، يتطلب رفعاً فورياً وغير مشروط للإجراءات الأمريكية الأوروبية غير القانونية وغير الإنسانية، وإنهاء الوجود الاحتلال الأمريكي.