يُلاحظ منذ اندلاع معركة "طوفان الأقصى"، ارتفاعاً كبيراً في مدى تركيز الخطاب الغربي حول "الدفاع عن اليهود"، أو ما يصطلح لديهم بمكافحة "معاداة السامية". وهذا ما يظهر في الكثير من خطابات وبيانات الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن أو وزير خارجيته أنتوني بلينكين (خلال زيارته الى الكيان المؤقت والتي صرّح بأنه يجريها بصفته يهودياً وليس بصفته الرسمية) أو رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك. ولم يشذّ الخطاب الإعلامي الغربي عن هذه الحالة أيضاً، في مختلف الصحف والمواقع والقنوات التلفزيونية، لناحية إعادة تقديم "اليهود" كضحية من كل ما يجري.
الغربيون يستخدمون هذا النوع من الخطاب، على الرغم من أنهم يعلمون بأنه سيؤدي حتماً لجرائم قتل واعتداء: "جرائم كراهية". مثل الجريمة التي حصلت في الولايات المتحدة الأمريكية مؤخراً، عندما قُتل الطفل "وديع الفيوم" وأصيبت والدته "حنان شاهين" بجروح خطيرة في منطقة بلينفيلد بولاية إلينوي، على يد المجرم الإرهابي "جوزيف تشوبا" بسبب ديانتهم الإسلامية.
بايدن يعقد لقاءاً مع زعماء يهود محليين ليجدد التزام إدارته بدعم إسرائيل ومكافحة "معاداة السامية"
فمنذ أيام، التقى الرئيس الأمريكي جو بايدن مع قادة ومسؤولي الجالية اليهودية الأمريكية في البيت الأبيض، لكي يتعهد لهم بدعمه الكامل والمستمر لحكومة و"شعب إسرائيل"، مكرراً تعاطفه العميق مع "جميع المفقودين والجرحى والقتلى في الهجوم المروع وغير المسبوق الذي شنه إرهابيو حماس"، و"التزام إدارة بايدن هاريس الثابت بدعم إسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها".
ولم تكتف إدارة بايدن بخطابه فقط، بل عقدت حواراً مع مسؤولي الجالية، ليناقشوا ما وصفوه بـ"هجوم حماس الهمجي على إسرائيل"، والتزام بايدن المتعدد الأبعاد بدعم أمن إسرائيل في أعقاب الهجوم، ومسؤولية إدارتهم الدائمة عن حماية "المجتمعات اليهودية" من الحوادث المعادية للسامية في أمريكا. حيث أفاد البيان الإعلامي للبيت الأبيض أن اللقاء تخلله مناقشة العديد من المواضيع مثل: "تركيز الإدارة على ضمان تحديد الحوادث المعادية للسامية في الولايات المتحدة وإدانتها والتحقيق فيها حسب الاقتضاء"، و"أهمية اليقظة ضد تزايد الأعمال المعادية للسامية"، و"أهمية التضامن مع الجالية اليهودية التي تشعر بحزن شديد في أعقاب الأحداث المروعة التي شهدتها إسرائيل".
ولا يخفى أن أحد أبرز الأسباب التي تدفع إدارة بايدن لتركيز على هذا الجانب، هو لمصالح انتخابية بحتة، نظراً لأن الحزب الجمهوري - الذي يعدّ من الداعمين المتشددين للكيان- يشنّ حملةً قوية انطلاقاً من هذه القضية المزعومة، منتقداً سياسات الحزب الديمقراطي وبايدن التي بنظره هي التي أوصلت الى حصول عملية طوفان الأقصى.
بريطانيا أيضاً
ولا يتوقف الأمر عند أمريكا فقط، بل تقوم الحكومة البريطانية وغيرها من الدول الأوروبية، بالعديد من الخطوات في هذا الإطار، ومنها ما تم إعلانه منذ أيام من قبل رئيسها ريشي سوناك عن دعم مالي جديد للحفاظ على أمن "المجتمعات اليهودية البريطانية" ضمن صندوق أمن المجتمع (CST)، ومنح أفراد الجالية اليهودية في المملكة المتحدة، بما في ذلك أطفال المدارس، المزيد من الحماية ضد ما وصفه بالهجمات المعادية للسامية، في أعقاب "هجمات حماس الإرهابية في إسرائيل".
وفي تعليق لوزيرة الداخلية البريطاني على هذا القرار، كرّرت سويلا برافرمان الأخبار المضلّلة والأكاذيب حول عملية "طوفان الأقصى"، متهمةّ المقاومين بأنهم نفذوا "هجمات وحشية على شعب إسرائيل. لقد ذبحوا المدنيين واغتصبوا النساء وخطفوا الفئات الأكثر ضعفاً". زاعمةً بأنه "كلما تعرضت إسرائيل لهجوم، يستخدم الناس الإجراءات الدفاعية الإسرائيلية المشروعة كذريعة لإثارة الكراهية ضد اليهود البريطانيين". مؤكدّة على وقوف بلادها بشكل لا لبس فيه مع إسرائيل.
ولا يخفى على أحد، على أن هذه السياسات ستكون بلا شك، سيف ذو حدّين، لا يمكن للجهات الحكومية ولا الإعلامية في هذه الدول الغربية السيطرة عليها، بل ربما تكون شرارةً لحصول توترات داخلية، ستؤدي بها لأن تكون الخاسر الأكبر.
الكاتب: غرفة التحرير