في الذكرى السنوية الـ35 لرحيل الإمام روح الله الخميني (رض)، أطلق قائد الثورة الإسلامية الامام السيد علي الخامنئي العديد من المواقف المهمة واللافتة، بما يتعلق بمعركة طوفان الأقصى وحادثة استشهاد السيد إبراهيم ورفاقه وتداعياتها.
وبالرغم مما رافق هذه المواقف من ترجمة خاطئة، وما تبعه من ردود غير مسؤولة ومتسرّعة. إلا أن أوساط الكيان المؤقت كانت من الجهات التي تلقفت هذه المواقف، فقامت بتحليلها والتحذير منها، وهذا ما يجب أن يحذروا منه فعلاً.
فالإمام الخامنئي ناقش في الخطاب قضيتين مهمتين على صعيد المنطقة بأسرها انطلاقاً من المناسبة، الأولى تتعلق بأهم الثوابت لدى الإمام الخميني (رض)، اي القضية الفلسطينية، مستكملاً عرض التداعيات الاستراتيجية لعملية طوفان الأقصى، بما يعيد التأكيد مجدداً على دعم وتأييد الجمهورية الإسلامية وقيادتها الثابت للمقاومة الفلسطينية. أما الثانية، فتطرق قائد الثورة الإسلامية الى تداعيات استشهاد السيد رئيسي ورفاقه داخليا وخارجياً، والتي تعكس مدى مرونة وقدرة مؤسسات النظام الإسلامي والشعب الإيراني، على مواجهة الأحداث الأليمة، من خلال تحويلها الى فرص.
ترجمة غير دقيقة
ولا بدّ الإشارة الى اللغط الذي أُثير حول إحدى مواقف الإمام الخامنئي في الخطاب، حينما قال في معرض تبيين ثوابت الإمام الخميني حول القضية الفلسطينية: "لطالما كان الإمام الخميني يؤكد على عدم تعليق أي أمل بمسار محادثات السلام مع الكيان الصهيوني". فقامت بعض الجهات الإعلامية سهواً أم عمداً، بتحريف هذه العبارة لتصبح في سياق وموضوع مختلفين: "على الجميع ان لا يعقدوا امالهم على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة". وهذا ما أثار العديد من اللغط والردود المتسرّعة من جهات عديدة، التي غاب عنها بأن هناك أطراف تتعمّد نشر ترجمات غير دقيقة لتصريحات مسؤولين في الجمهورية الإسلامية، بهدف افتعال الإشكالات، وحرف انتباه الرأي العام عن القضايا الأساسية.
خلاصة رؤية الإمام الخميني بشأن حل قضية #فلسطين:
— الإمام الخامنئي (@ar_khamenei) June 3, 2024
لا يمكن التوصل عبر #محادثات_التسوية إلى نقطة عادلة في قضية فلسطين.
ينبغي أن يستعيد الشعب الفلسطيني حقوقه في ميدان العمل، وبدعم شعوب العالم له، وخاصة #الحكومات_المسلمة. pic.twitter.com/MdFFzoTrYH
أبرز المواقف في خطاب الإمام الخامنئي
أما أبرز المواقف التي أطلقها الإمام الخامنئي في الخطاب فهي:
_أهمية قضية فلسطين ومكانتها في آراء الإمام الخميني الراحل وتوجهاته، بحيث ركّز الإمام منذ اليوم الأول لبدء النهضة الإسلامية على قضية فلسطين، وتوقّع بدقة بصيرته الرؤية المستقبلية لانتصار القضية، من خلال عدم عقد الشعب الفلسطيني لآماله على مفاوضات التسوية، بل الحضور في ميدان العمل بدعم من شعوب الدول الإسلامية والعالم. وأشار الإمام الخامنئي بأنّ هذه الرؤية الواضحة والمهمّة جدًا للإمام تتحقق تدريجياً.
_ عملية طوفان الأقصى أحبطت مخطّط قوى الاستكبار لسيطرة الكيان الصهيوني الكاملة على المنطقة. وأنّ أمريكا ستُضطرّ عاجلًا أم آجلًا، إلى أن تسحب يدها من مساندة الكيان الصهيوني: "على الرغم من أن أمريكا، والكثير من الحكومات الغربية، يواصلون دعم هذا الكيان، إلّا أنهم يعلمون أنه لا سبيل نجاة أمام كيان الاحتلال هذا".
_ هناك خاصيتان مهمتان لعملة طوفان الأقصى:
1)تلبية الاحتياجات المهمة للمنطقة:
فقد كشف الإمام الخامنئي عن جانب مهمّ وإعجازي من نتائج عملية طوفان الأقصى، وهو نسف المشروع الذي أعدّت له أمريكا، ومن وصفهم بعملاء الصهيونية العالمية، وبعض الحكومات في المنطقة، مبيناً بأن هذا المشروع هو خطة واسعة ومفصّلة لتغيير معادلات المنطقة وروابطها، كي يتمكّنوا، من خلال العلاقات التي يريدونها بين إسرائيل وحكومات المنطقة، من توفير أرضية لهيمنة كيان الاحتلال على السياسة والاقتصاد في غربي آسيا، والعالم الإسلامي بأسره. لافتاً بأنّ هذه الخطة "المشؤومة" كانت قريبة جدًا من لحظة تنفيذها، فبدأت عملية طوفان الأقصى "الإعجازيّة"، لتنسف كل مخططات أمريكا والصهيونية وأتباعهما، وأنّه مع أحداث الأشهر الثمانية الماضية، لم يعد هناك أيّ أمل في إحياء تلك الخطة. وموضحاً بأنّ الجرائم غير المسبوقة والوحشية اللامحدودة للكيان، ودعم الحكومة الأمريكية لهذه الجرائم، هي بمنزلة ردود فعل غاضبة على إبطال المؤامرة الدولية الكبرى لسيطرة الكيان على المنطقة.
2)توجيه ضربة قاصمة للكيان:
استند الإمام الخامنئي إلى اعترافات المحللين والخبراء الأمريكيين والأوروبيين وحتى المحسوبين على الكيان، الذين يقرّون بأنه قد لحقت به هزيمة فادحة على يد المقاومة، لأنه رغم مرور 8 أشهر لم يحقّق أيًّا من أهدافه في حدّها الأدنى. ثم أضاف بأن هناك محللون ومؤرخون آخرون أيضًا أشاروا إلى تخبّط الكيان وضياعه، وكذلك إلى موجة الهجرة العكسية، والعجز عن حماية المستوطنين داخل الأراضي المحتلة، ووصول المشروع الصهيوني إلى أنفاسه الأخيرة، مؤكدين بأن العالم بات على أعتاب نهاية الكيان الصهيوني.
وفي معرض تبيين مدى جديّة موجة الهجرة العكسية من الأراضي المحتلة، أشار الإمام إلى كلام أحد المحللين الأمنيين الإسرائيليين الذي كشف منذ مدة بأنه "إذا ما نُشرَ مضمون نقاشات المسؤولين الإسرائيليّين وسجالاتهم في وسائل الإعلام سيرحل أربعة ملايين شخص من إسرائيل".
_تحوّل قضية فلسطين إلى قضية العالم الأولى، وهذا ما تؤكّد عليه المظاهرات المناهضة للصهيونية في لندن وباريس والجامعات الأمريكية. بالرغم من سعي المراكز الإعلامية والدعائية الأمريكية والصهيونية إلى دفع قضية فلسطين نحو غياهب النسيان، خلال السنوات الطويلة الماضية. وأشار الإمام الخامنئي إلى أن عملية طوفان الأقصى وصمود أهالي غزة، هي العوامل الرئيسية التي جعلت فلسطين الآن هي قضية العالم الأولى.
_ سوء تقدير الكيان المؤقت لقدرات جبهة المقاومة هو السبب في دخوله إلى دهليز مسدود، حيث ستلاحقه الهزائم المتتابعة، ولن يجد سبيل نجاة من هذا الدهليز.
_على الرغم من الدعاية الغربية، إلّا أنّ الكيان يذوب وينتهي أمام أعين شعوب العالم. وكما الشعوب قد أدركت هذه الحقيقة، فإن العديد من ساسة العالم، بل حتى الصهاينة أنفسهم، قد أدركوا ذلك.
استشهاد السيد رئيسي وتداعياته
أما في الجزء الآخر من الكلمة، فقد تطرق قائد الثورة الإسلامية الى تداعيات استشهاد رئيس الجمهورية الإسلامية السيد إبراهيم رئيسي ورفاقه، سواء الداخلية والخارجية.
وقد بدأ هذا الجزء باستعراض سمات السيد رئيسي "المحبوب والعزيز والمثابر"، فيما وصف مرافقي السيد رئيسي بالشخصيات القيّمة. عادّاً أبرز السمات والخصوصيات للشهيد رئيسي: 1)اعتراف الجميع بأنه رجل السعي والعمل والخدمة والإخلاص، وأنه أسس في الخدمة مستوى جديدًا لم يكن موجودًا حتى الآن بهذا الحد والحجم والجودة والإخلاص.
2)التحرّك الحثيث والمفعم بالبركة في السياسة الخارجية، واغتنام الفرص لإبراز دور إيران في أعين القادة السياسيين في العالم.
3)رسم الحدود الصريحة مع أعداء الثورة ومعارضيها، وعدم الثقة في ابتسامة العدو.
كما أشاد الإمام الخامنئي بالشهيد الوزير حسين أمير عبد اللهيان، واصفاً إياه بالوزير المجتهد والمبدع، والمفاوض القوي الذي يتمتع بالذكاء والتمسّك بالمبادئ والثوابت.
ثم أشار الإمام الخامنئي الى المشاركة المليونية للناس في تشييع "شهداء الخدمة"، بأنه يعدّ أمرًا بارزًا وجديرًا بالتحليل، واصفاً إياه بأنه نموذج للملاحم التي يسطّرها الشعب الإيراني في مواجهة الأحداث المريرة والصعبة على مدى تاريخ الثورة، بحيث لا "تهزمه الشدائد، بل تزيد من إصراره واستقامته".
فماذا عن الانتخابات الرئاسية المقبلة؟
وفي الجزء الأخير من كلمته، وصف الإمام الخامنئي الانتخابات الرئاسية المقبلة بالعمل العظيم والظاهرة المليئة بالإنجازات. مؤكّداً على أنها إذا أجريت بنحو جيد وبجلال وعظمةٍ، فستكون إنجازًا كبيرًا للشعب الإيراني، وسيكون لها انعكاس استثنائي في العالم، وأنها ستكون استكمالاً لملحمة الشعب في تشييع الشهداء.
وأشار الإمام الخامنئي إلى مواصفات رئيس الجمهورية التي يحتاج اليها الشعب الإيراني، وهي النشاط والمثابرة والإلمام والإيمان بمبادئ الثورة، من أجل الحفاظ على مصالح الشعب وتثبيت عمقه الاستراتيجي في المعادلات الدولية المعقّدة.
الكاتب: غرفة التحرير