أثارت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي التي أكد فيها مضيه في الحرب وعدم رغبته في الانسحاب من محور فيلاديلفيا -العقبة الأساسية في مسار المفاوضات- جدلاً واسعاً حتى من داعميه الأميركيين بعد أن نقلت وسائل اعلام غربية عن مسؤولين أميركيين قولهم، أن بنيامين نتنياهو نفسه كان قد وافق على الانسحاب من المحور. وعلى الرغم من سيمفونية التأييد التي يطلقونها بعد كل تصريح يحمل انتقاداً لإسرائيل، بدأت الضغوطات على حكومة الاحتلال تتزايد، بعد ان انتقلت إلى الشارع أيضاً مع مقتل 6 أسرى من بينهم حامل للجنسية الأميركية.
في اعتراف علني نادر بالخلافات بين الجانبين، وتباين التصورات بما يتعلق "باليوم التالي" وهندسة الخروج من حرب الاستنزاف التي تورط بها نتنياهو، قال الرئيس الأميركي جو بايدن في حديث للصحفيين في البيت الأبيض، أن "نتنياهو لا يفعل ما يكفي للتوصل إلى اتفاق". وكان وزير الخارجية أنتوني بلينكن أشار إلى "نتنياهو وافق على الاقتراح الأميركي الأخير، لكنه تنصل علناً من جوانب رئيسية منه بعد ساعات".
وردا على سؤال للحصول على تعليق أمريكي على تصريحات نتنياهو الأخيرة حول ممر فيلادلفيا، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي: "لن أدخل في نقاش مع رئيس الوزراء".
فيما اعتبر مسؤولان كبيران في الإدارة الأميركية إنه "إذا لم تقبل إسرائيل وحماس الصفقة فقد يمثل ذلك نهاية المفاوضات التي تقودها الولايات المتحدة".
ولحل هذه المعضلة، اقترح العديد من الأطراف سيناريوهات مختلفة، ترضي طرفي الصراع. وفي حين سقط اقتراح تسليم المحور للسلطة الفلسطينية برفض إسرائيلي، قال رجل أعمال إسرائيلي أمريكي يدير شركة الأمن الأمريكية GDC، موتي كاهانا، ان "هناك بدائل حدودية قابلة للتطبيق ولكن لا توجد إرادة سياسية إسرائيلية لمتابعتها". مشيراً إلى أن "شركات الأمن الخاصة تجري مناقشات مع مسؤولين أميركيين وإسرائيليين حول خطط لإعادة توظيف موظفين سابقين في السلطة الفلسطينية في غزة لإدارة معبر رفح". معتبراً أنه "يمكنهم بسهولة الحصول على حل إذا قرروا اتخاذ قرار". ومن غير الواضح بعد، إذا كانت حماس ستقبل بهذا الطرح، خاصة أنه لم يعرض على طاولة المفاوضات بعد.
من جهته، قال مسؤول أميركي كبير لصحيفة واشنطن بوست الأميركية إن "نشر قوة فلسطينية تدربها الولايات المتحدة هو الترتيب الأكثر ترجيحاً لتأمين الحدود". فيما أبدى الاتحاد الأوروبي استعداداً لتكرار دوره في مراقبة معبر رفح، بالتعاون مع السلطة الفلسطينية. ورحبت باحتضان وجود للاتحاد الأوروبي هناك.
"لكن ليس بهذه البساطة"، يقول الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، إيال هولاتا، ويضيف بأن "هناك حلول لمنع تهريب الأسلحة من قبل حماس. إنه يعتمد على اتفاقيات مع الأمريكيين، إنه يقيم على أشياء نحتاج إلى موافقة المصريين عليها". لكن أعضاء فريق التفاوض، الذين منحوا تفويضاً محدوداً في الجولة الأخيرة من المحادثات على مستوى العمل في الدوحة الأسبوع الماضي، يعتقدون أن "الأمور لا تسير في طريقها... لو كان هذا شيئاً سيوافق عليه نتنياهو، لكان قد حدث".
على المستوى الداخلي، انتقد مسؤولون إسرائيليون إصرار نتنياهو بالبقاء في فيلاديلفيا، واصفين ذلك بـ "الخدعة السياسية" التي تخدم مصالحه الشخصية. فيما اعتبرت صحيفة واشنطن بوست في تقرير لها أن "استمرار العمليات الحالية في غزة لن يؤدي إلى تدمير حماس ولكنه سيجر إسرائيل إلى حرب عصابات طويلة ومكلفة وتصعيد متزامن في ساحات أخرى". يشاركه في هذا الرأي الرئيس السابق لاستخبارات الدفاع الإسرائيلية، عاموس يادلين، في مجلة فورين أفيرز الأميركية أنه بذلك "سيستمر موت الرهائن في أنفاق حماس. سيستمر الاقتصاد الإسرائيلي في التدهور. سيستمر وضعها في العالم في الانخفاض إلى مستويات منخفضة جديدة؛ وستشتد المعركة القانونية في المحاكم الدولية".
الكاتب: غرفة التحرير