دعا وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى "تشكيل حكومة تضم الجميع" في سوريا، غداة رحيل الرئيس بشار الأسد. وكشف فيدان أمام مجموعة من السفراء: أنَّ أنقرة على اتصال بفصائل المعارضة السورية، للتأكد من عدم "استفادة تنظيم داعش وحزب العمال الكردستاني" الذي تصنفه أنقرة تنظيماً إرهابياً، من الوضع. ويمكن تلخيص شكل وأهداف الحركة في سوريا من خلال التحركات التي رصدت خلال العقد الأخير تحديداً وهي لا تزال تحتل جزءاً من الاراضي التركية.
وفي هذه الورقة، شرح للحركة التركية في سوريا من خلال قراءة الأهداف التركية في سوريا، وحدودها ومحاذيرها، مع تبيان التسيق التركي مع الغرب وإسرائيل.
الأهداف المعلنة:
حلّ أزمة اللاجئين السوريين:
-يترقّب الجميع داخل تركيا أن تقود التطورات السورية إلى حل أزمة اللاجئين، الذين تقدر أعدادهم وفق الإحصائيات الرسمية قرابة 3 ملايين لاجئ. هذه القضية، تم تسييسها على مدار السنوات الماضية، ولعبت دورًا في خسارة حزب العدالة والتنمية الحاكم، على مستوى البرلمان والبلديات.
-مكافحة "حزب العمال الكردستاني":
-تعزيز أمن الحدود حيث تعتبر تركيا وحدات "حماية الشعب الكردية" فرعًا من "حزب العمال الكردستاني" المحظور وبالتالي فهي منظمة إرهابية.
-فرض سيطرة أكثر فعالية على الأكراد.
الأهداف غير المعلنة:
-مواجهة الوجود الكردي والحكم الذاتي في سوريا.
-الأطماع التوسعية لدى تركيا وضم أجزاء من الأراضي السورية.
-ترسيخ التحالفات مع الجماعات ذات التفكير المماثل في المنطقة.
-إقامة منطقة عازلة وآمنة مع سوريا.
-تشكيل النظام السوري الجديد.
-إكمال السيطرة على منبج المهمّة جداً بالنسبة لتركيا.
الحدود:
-ضمان عدم دخول سوريا في حرب أهلية مرة أخرى، والتي قد تؤدي إلى عدة مخاطر وتحديات منها تصاعد التهديدات الأمنية مثل الهجمات الإرهابية، وتصاعد التوترات التركية الكردية، بالإضافة إلى توتر العلاقات مع الدول ذات مواقف متباينة في التعامل مع الوضع السوري، وتحميل تركيا المسؤولية على خلفية دعمها لهجوم هيئة تحرير الشام.
-مخاوف من أن يبرم الأكراد السوريون صفقة (غير مؤكد حتى الآن ما هي صيغتها اندماج أو استقلال) مع أي حكومة مركزية في دمشق لتحقيق وضع مستقل تمامًا كما فعل الأكراد العراقيون في أعقاب حرب العراق. يتذكر الأتراك بوضوح أن الولايات المتحدة كانت الوكيل الأساسي في مساعدة الأكراد العراقيين على إنشاء حكومة إقليم كردستان.
-مخاوف من تزايد نفوذ إسرائيل على الأطراف الكردية، خاصة حزب العمال الكردستاني، الأمر الذي يحدّ من حرية تصرّف الأتراك ضد الأكراد.
-التوازنات بين أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد تتغير. وقد تم تقييم أنه من المرجح أن تتخذ تركيا موقفاً أكثر حزماً في مناطق الصراع الأخرى، مثل ليبيا، وأن ميزان القوى مع طهران قد تحسن لصالح أنقرة.
التنسيق مع الغرب واسرائيل:
لا يوجد دلائل واضحة على التنسيق التركي الغربي والإسرائيلي في سوريا، إلا أن العديد من الصحف والتحليلات تشير إلى وجود تعاون استخباراتي وأمني بينهما. وبحسب معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، فإن تركيا تتوقع أن يستأنف الرئيس ترامب القادم ما تركه في سياسته في الشرق الأوسط بسحب القوات الأميركية المتبقية في سوريا والتي يبلغ عددها نحو 900 جندي وربما 2500 جندي في العراق، الأمر الذي سيخلف وراءه فراغًا عميًقا في السلطة والأمن. ومن شأن هذا أن يعزز مكانة تركيا وإسرائيل كلاعبين إقليميين رئيسيين يتمتعان بالقدرة العسكرية القوية اللازمة لمواجهة خصومهما المتنوعين.
المحاذير:
-مخاوف من تزايد نفوذ إسرائيل على الأطراف الكردية، خاصة حزب العمال الكردستاني، حيث تعتبر تركيا هذا الحزب نقطة ضعف أساسية، وتعمل على إيجاد حل لهذه المشكلة بأي شكل. ومن المرجح أن يكون وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد جدعون ساعر قد عزز هذه المخاوف بخطابه الأخير، حيث قال إن على بلاده أن تتواصل مع الأكراد والأقليات الإقليمية الأخرى باعتبارهم "حلفاء طبيعيين".
-التوترات بين الولايات المتحدة وتركيا الناجمة عن دعم واشنطن لـ "قوات سوريا الديمقراطية".
-إبراز قوة تركيا في المنطقة والهيمنة المستقبلية المحتملة لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا قد يُنظر إليها على أنها تهديد جديد من قبل بعض الدول العربية.
-صورة سوريا الجديدة ضبابية، لكن لن يكون من الصعب توقّع نشوء فدرالية بين المسلحين (أو الجانب السني) واﻷكراد، فيما سيكون مصير منطقة العلويين (في جبل العلويين) موضع مساومات.
-أصبحت حاجة هيئة تحرير الشام إلى أردوغان أقل مما كانت عليه قبل شهر، لأنها نجحت في إسقاط الأسد وفرض سيطرتها على سوريا، وبالتالي يمكن أن تتجه نحو إدارة نفسها ومصالحها بغضّ النظر عن ما تريده تركيا.
-قلق أردوغان من أن تعزز أميركا وجودها العسكري في سوريا، وزيادة الدعم للكرد في سوريا والعراق، وهذا سيشكل خطراً على تركيا ومصالحها، ولكنها بنفس الوقت تراهن على رغبة ترامب من انسحاب قواته من العراق وسوريا.