50 يوماً على الانتخابات النصفية للكونغرس. وعلى ما يبدو، فقد اختار الرئيس الأميركي، جو بادين، "تجميد" مختلف الملفات والقضايا العالقة حتى يمر هذا الاستحقاق "على خير". ولا يمكن عزل المفاوضات لإعادة احياء الاتفاق النووي عن هواجس بايدن المتراكمة، والتي يحاول جاهداً فصلها -قدر المستطاع- عن تصويت الكونغرس، لعلمه بحجم الانقسام الداخلي الكبير بين كل من الحزبين الجمهوري والديموقراطي. وبالتالي، فهو يخشى ان تعرض صيغة الاتفاق للتصويت -الذي كان وعد بالعودة إليه خلال حملته الانتخابية- ويتم اسقاطها.
في 1 أيلول/ سبتمبر الجاري، أرسل 50 نائباً من الحزبين رسالة إلى بايدن لمطالبته بالتدقيق وفحص أي اتفاق قبل توقيعه، فضلاً عن ضرورة التشاور مع الكونغرس قبل إعادة الانضمام الكامل للاتفاق. وقال النواب في بيانهم: "نشعر بقلق عميق بشأن العديد من البنود التي قيل إنها قد تكون واردة في الصيغة النهائية".
بهذا الصدد، تشرح صحيفة "ذا هيل" الأميركية، المقربة من الكونغرس، هواجس الأخير. وتشير في مقال لها بعنوان "بايدن يخطط لتجنب تصويت الكونغرس على الاتفاق النووي مع إيران"، إلى ان "الأمر لا يعدو سوى إشارة إلى أن المفاوضات قد تعود بسرعة إذا قررت إيران إبداء القليل من المرونة، وقد ألمحت إدارة بايدن إلى أن مفاوضات فيينا لم تسفر عن اتفاق جديد، ولكن عودة جميع الأطراف إلى الامتثال لخطة العمل المشتركة ليست مجرد نقطة دلالية بحتة، بل قد يكون جهداً محسوباً لتجنب تصويت الكونغرس بعد مراجعة الاتفاقية النووية".
وبالنسبة لماثيو زويغ وغابرييل نورونها -كاتبا المقال- فقد أشارا إلى ان الممثل الخاص بإيران في وزارة الخارجية الأمريكية، روب مالي، قد تعهد بتقديم أي اتفاق محتمل مع إيران لمراجعة الكونغرس، كما حدد مالي فترة المراجعة بفترة لا تتجاوز 6 أيام من التوقيع على الاتفاق.
في حين تأمل الإدارة الأميركية تجنب تصويت الكونغرس من خلال الادعاء بأن الاتفاقية الجديدة ما هي إلا عودة لخطة العمل المشتركة لعام 2015، التي خضعت لمراجعة الكونغرس في الأصل، وقد يحاول البيت الأبيض القول، أثناء تقديم النص للمراجعة، إن الاتفاقية ليست بحاجة للتصويت مرة أخرى، وقد تميل القيادة الديمقراطية إلى الانغماس في مثل هذه الحجة واستخدام موقع الأغلبية لتجنب التصويت الصعب.
إدارة بايدن لم تعلن عن الشروط الجديدة للاتفاقية النووية، ولكن ورد أنها تتضمن تعديلات جوهرية على خطة العمل المشتركة لعام 2025
وتحدث المقال عن محاولة للرئيس الأسبق باراك أوباما للتحايل على القانون بشأن التصويت على الاتفاقيات، حيث حاول أوباما عدم تقديم الاتفاقية النووية كمعاهدة، ولكن الكونغرس من الحزبين رفض ذلك وأصر على التصويت، وفي النهاية تم تمرير الاتفاقية ولكن الكونغرس بذل جهداً لتعريف مصطلح اتفاق.
وأشار زويغ ونورونها إلى أن إدارة بايدن لم تعلن عن شروط الاتفاقية الجديدة مع إيران، ولكن ورد أنها تتضمن تعديلات جوهرية على خطة العمل المشتركة، ولذلك لا يمكن لطهران أو واشنطن إعادة الأمور إلى ما كانت عليه.
ومن وجهة النظر القانونية، فإن إعادة الدخول في اتفاقية معدلة بشكل جوهري يرقى إلى ما يؤدي إلى تفعيل متطلبات القانون التعلق بتعريف "التوصل إلى اتفاق"، وخلال فترة مراجعة الكونغرس للاتفاقية، لا يمكن لإدارة بايدن التخفيف من العقوبات المفروضة على إيران، وهذا يعني أن الإدارة لا تتمتع بالقدرة على توفير مزايا فورية للاتفاقية المحتملة.
الكاتب: غرفة التحرير