خلال مقابلة له مع شبكة بلومبيرغ، بداية الأسبوع الجاري، قال وزير الطاقة السعودي، الأمير عبدالعزيز بن سلمان، أنه "لدى تحالف أوبك + وسائل ضمن إطار آليات إعلان التعاون، تجعله قادرًا على التعامل مع التحديات وإرشاد الأسواق، منها خفض الإنتاج في أيّ وقت"، لافتًا إلى البدء قريباً في العمل على صياغة اتفاق جديد لما بعد عام 2022 الجاري.
ولربما تتكشّف دواعي هذا التصريح، بعد ربط توقيته بمستجدات المفاوضات النووية التي تشهد حلحلة وتفاؤل ينذر بقرب توقيع الاتفاق قريباً، إذا ما حلّت بعض القضايا المتبقية. إذ ان السعودية التي أيّدت بشدة قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بالانسحاب من الاتفاق عام 2018، تحاول حالياً الضغط لجهة عدم إتمام الاتفاق، بالسبل التي تمتلك فيها هامش المناورة. وبذلك، تكون الرياض قد سجلت موفقاً مريحاً لروسيا، الحليف الذي تسعى إلى توطيد أواصر العلاقات معه، واتخذت موقفاً متشدداً من مساندة الرئيس الديموقراطي، جو بايدن، وبالتالي زيادة العقبات أمامه لناحية ارتفاع أسعار النفط، على أبواب الانتخابات النصفية للكونغرس.
وعن موقف الرأي العام الأميركي، حول تلويح الرياض باستخدام ورقة تخفيض انتاج النفط، للضغط على الإدارة الأميركية، تقول تريتا بارسي في موقع MSNBC، انه "إذا كان هناك أي شك في أن الرئيس جو بايدن ما كان ينبغي أن يزور السعودية، فإن تهديدات عملاق النفط بخفض إنتاج النفط بدلاً من زيادته يجب أن تحل هذه القضية مرة واحدة وإلى الأبد".
ويرى متخصصون بالسياسات السعودية، أن التدخل المفاجئ من الرياض التي ساهمت في عودة سعر البرميل إلى 100 دولار هو رغبة منها لإظهار تداعيات سماح واشنطن للنفط الإيراني بالعودة إلى الأسواق العالمية. حيث ان الرياض أصبحت قلقة من عودة النفط الإيراني إلى السوق، واحتمال انخفاض سعره العالمي إلى جانب قلقها على أمنها. وفق ما اعتبرت صحيفة فايننشال تايمز.
المحللة السابقة في CIA والمتخصصة في أوبك في Capital Markets RBC، هيلما كروفت، أشارت إلى انه مع بداية العام الحالي، كانت السعودية واللاعبين الآخرين في المنطقة وبشكل منطقي واثقين من عدم الاتفاق على صفقة في المستقبل القريب والآن ومع إحياء المفاوضات، باتوا يركزون على سوق النفط والتداعيات الأمنية الأوسع للصفقة التي وصلت المرحلة النهائية من الاكتمال".
وتعني اتفاقية جديدة بشأن البرنامج النووي الإيراني، إعادة حوالي 1.3 مليون برميل في اليوم من صادرات النفط الإيراني، أي نسبة 5% من مجمل إمدادات أوبك، بشكل يخفف من مظاهر قلق التجار من نقص النفط، وسط تشديد أوروبا العقوبات على شحنات النفط الروسي الخام. وفي الوقت الذي تحتاج إيران إلى وقت لكي تنعش قطاعها النفطي وزيادة إنتاجها، إلا أن البلد لديه كميات كبيرة من النفط الخام المخزن في الناقلات بالبحر.
نائب المدير في "أي أتش أس ماركيت"، روجر ديوان، يشير أيضاً، إلى ان "احتمال عودة براميل النفط الإيرانية هي عامل مزعزع للاحتكار السعودي- الروسي لأوبك+ خاصة لو ضربت براميل النفط الإيراني السوق مع بداية الشتاء".
من ناحية أخرى، فإن التدخل السعودي في هذا الوقت من المفاوضات، قد يكون مربكاً لبادين الذي يعمل على خفض الأسعار قبل انتخابات الكونغرس في تشرين الثاني/ نوفمبر. فمن وجهة نظر الإدارة الأميركية، انه من الواضح ان المملكة ترسل إشارات مفادها انها تريد الحفاظ على سعر 100 دولار للبرميل، مع تخوف من امكانيتها فعل ذلك، توازياً مع قدرتها في التأثير على سيكولوجية السوق.
ولناحية الأسواق النفطية الدولية، فإنها شديدة التأثر المستجدات السياسية. فقد ارتفع خام برنت من 94 دولاراً، قبل التلويح السعودي، إلى 102 دولار. في حين أشارت شركة Energy Aspects من أن عودة إيران إلى سوق النفط قد تخفض أسعاره إلى ما يقارب 80 دولاراً وحتى 70 دولاراً للبرميل بدون أن تخفض أوبك+ إنتاجها.
الكاتب: مريم السبلاني