عدّة صور ستكون كفيلة بلا شك، بإيصال رسالة واضحة ومباشرة للولايات المتحدة الأمريكية وللحلف والأدوات التابعة لها، تُفيد بأن عبثهم في سوريا سيكون حماقة وربما شرارة تُشعل المنطقة برمتها.
هذا ما يمكن تفسيره من الزيارة الأخيرة لقائد قوة القدس في حرس الثورة الاسلامية العميد اسماعيل قاآني زيارة الى سوريا، التي لم تكن الأولى ولن تكون بطبيعة الحال والمهام الأخيرة، لكن الكشف عن صور الزيارة وبعض تفاصيلها، فيه رسالة واضحة من محور المقاومة، ستصل بالتأكيد الى المحور المقابل.
وقد التقى العميد قاآني خلال هذه الزيارة المهمة والحساسة، عدداً من القيادات العسكرية والامنية والسياسية الرسمية، بالإضافة الى شخصيات شعبية في العاصمة دمشق. كما تفقد عدداً من مناطق العمليات المختلفة، في جولة عسكرية استطلع فيها العديد من الجبهات والمحاور الحساسة، ضمن إطار مواجهة التحديات والتوترات الأمنية التي تواجهها سوريا، والتي يأتي في مقدمتها المخططات الأمريكية وأخطرها مشروع التقسيم. وهو ما أكد عليه العميد قاآني خلال الزيارة بأن اميركا هي المصدر الأساسي للفساد والفوضى والارهاب والفتنة في سوريا والمنطقة والعالم. واصفاً سوريا وإيران ببلدين شقيقين يتمتعان بعلاقات استراتيجية مميزة وشاملة وعميقة، مشدداً على وقوف الجمهورية الاسلامية الايرانية الى جانب سوريا قيادةً وشعباً في مواجهة التحديات.
كما شارك قائد قوة القدس في المناورات العسكرية السورية الايرانية المشتركة، والتقى خلالها بالجنود والمقاومين.
مع الإشارة هنا، إلى أن العميد قاآني قد سبق أجرى زيارات ميدانية لعدد من دول المنطقة، دعماً لحركات وقوى المقاومة فيها، ودفاعاً عن الدول التي تقف في وجه الاستبداد العالمي والاستكبار.
ولذلك تمثل هذه الرسالة تأكيداً ميدانياً لما سبق للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن أعلنه في مناسبة التحرير الثاني منذ أسابيع عن عدم سماح سوريا ومحور المقاومة لأمريكا بتحقيق مشاريعها، عندما قال: " في هذا السياق نشهد الضغط الأميركي في شرق الفرات، تشديد العقوبات، الزيارات الجديدة لنواب أميركيين إلى شمال سوريا من أجل أي شيء، محاولة إحياء داعش من جديد، كلام – ما مدى مصداقية يحتاج لتدقيق – أنّ الأميركان يريدون استقدام جماعات مسلحة وينشرونها من التنف إلى البوكمال ويغلقوا الحدود السورية العراقية، هذه أوهام، هذه أحلام، لن تسمح سوريا ولا محور المقاومة يمكن أن يسمحوا بشيء من هذا القبيل، خصوصًا إذا أراد الأميركي أن يقاتل بأدواته، أما إذا أراد أن يُقاتل بنفسه فأهلًا وسهلًا، هذه هي المعركة الحقيقية التي ستغيّر كل شيء وكل المعادلات. إحياء داعش من جديد سيواجه بنفس الصلابة، بنفس القوة، بنفس العزم، عسكريًا وأمنيًا ولن يُسمح لهؤلاء من جديد بالعبث لا في أمن سوريا ولا في أمن لبنان ولا في أمن العراق ولا في أمن المنطقة".
زيارة تجسّد بعض ما قاله الإمام الخامنئي عن الدفاع المقدس والمقاومة
وتجسّد زيارة العميد قآاني لسوريا أيضاً، ما كان قد قاله قائد الثورة الإسلامية السيد علي الخامنئي في خطابه الأخير بمناسبة إحياء ذكرى الدفاع المقدس (التي شارك في حضورها العميد قآاني)، حينما قال بأن هذه الذكرى وسّعت حدود المقاومة والحدود المعرفيّة للثورة الإسلاميّة في العالم، فبات مفهوم المقاومة اليوم وخيارها متجذّراً في مختلف الأماكن، حتى في تلك الأماكن التي قد لا تكون متوقّعة. وأكّد الإمام الخامنئي بأن نجاح الدفاع المقدس المهم للغاية قد أدى الى تشكّل المفهوم العالمي للمقاومة وترسّخ في فلسطين وسوريا والعراق وغيرها من المناطق، وغدت إنجازات الشعب الإيراني في مناطق شتى من آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية أنموذجاً للشعوب الأخرى.
فبلا شك كانت سوريا الساحة المهمة، التي استطاع محور المقاومة بقيادة إيران من خلالها، تحدّي وإفشال مشاريع أمريكا لتخريب المنطقة، من خلال استقطابها للإرهابيين والجماعات التكفيرية من مختلف دول العالم (في مقدمتهم تنظيم داعش الوهابي الإرهابي)، وتشجيعها للمجموعات الانفصالية بهدف تحقيق التقسيم (الذي خطّطت له واشنطن بأن يبدأ في سوريا وينتقل الى دول أخرى ليس في منطقة غرب آسيا وحدها بل وفي أفريقيا أيضاً).
الكاتب: غرفة التحرير