تحرّكت العجلة الدبلوماسية في واشنطن بشأن الحرب على لبنان، بهدف فرض إملاءات سياسية على المقاومة اللبنانية، فترى الولايات المتحدة أن ما حصل في الأيام الأخيرة يعد إنجازاً إسرائيلياً، وبالتالي تحاول نزع أثمان سياسية من لبنان.
لا تختلف هذه المفاوضات اليوم في جوهرها عن مسلسل المفاوضات في غزة التي بدأت منذ اليوم الأول لعملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول/أكتوبر، والتي لم تؤدِ إلى أي نتائج تذكر، ومن المرجّح ارتفاع حدّة الضغوط السياسية على الحكومة اللبنانية في الأيام القادمة لتقديم تنازلات لصالح الاحتلال، لكن حزب الله يرى النتائج الميدانية بطريقة مختلفة، ويعلم أن ما يجري لا يتجاوز كونه محاولة ممارسة الضغط عليه، باعتبار أن الكيان لم يحقق إنجازات سوى بقتل المدنيين، ولا تزال (المقاومة) تمتلك الكثير من أوراق القوة التي ستظهرها تباعاً مع تطور الأحداث، ومنها بنوك أهداف تحت نار الصواريخ الاستراتيجية التي يكشفها حزب الله يومياً.
كما مسار الحرب في غزة، فإن الأميركي، الذي لا يزعجه انتهاكات إسرائيل في لبنان، والأعداد الكبيرة من الشهداء اللبنانيين الذين سقطوا خلال الأيام الأخيرة، يحاول شرعنة القتل والمجازر اليومية الإسرائيلية، من خلال اتهام الحزب بـ"رفض المسعى الدبلوماسي"، وهو ما يُعطي الاحتلال دفعاً أكبر لموجة تصعيد جديدة وعنيفة، سواء على مستوى الحملة الجوّية أو على صعيد الاقتراب من شنّ عملية برية. وبالحديث عن العملية البرية تربط الصحف الإسرائيلية الاقتراحات الأميركية باحتمالية الاجتياح البري الإسرائيلي بالنظر إلى أن فشل المفاوضات واشتداد حرب الاستنزاف التي يمارسها حزب الله على أراضي الاحتلال، وارتفاع عداد المستوطنين المهجرين وفي الملاجئ، قد يفضي على قرار باجتياح لبنان والذي لا يبدو حاضراً الآن، فبحسب صحيفة هآرتس استدعاء الاحتياط (لواءين) أمس لا يزال "محدود نسبياً" مما يؤشر إلى أن قرار العملية البرية لم تكتمل شروطه بعد، على الرغم من حضور رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، هرتزل هاليفي وقائد المنطقة الشمالية اللواء أوري جوردين مناورة تدريبية للواء المدرع السابع في شمال "إسرائيل" يوم أمس. وقال هاليفي للقادة هناك إن "الهدف واضح للغاية: إعادة سكان الشمال إلى ديارهم. ومن أجل القيام بذلك، نستعد لمناورات، والتي تعني أن أحذيتكم العسكرية ستدخل أراضي العدو، وتدخل قرية أعدها حزب الله كموقع عسكري كبير".
من الأكيد أن "إسرائيل" تضع أدوات الضغط على طاولة اللعبة، بالتزامن مع إعلانه عن "انفتاحه" على مفاوضات للتهدئة. وفي هذا السياق، نقل موقع "أكسيوس" عن مسؤول إسرائيلي قوله إن "نتنياهو أعطى الضوء الأخضر لبحث المبادرة الأميركية الجديدة بشأن لبنان". وبحسب قناة "كان"، فإن المبادرة الأميركية تقوم على "وقف إطلاق نار مؤقّت لمدة 4 أسابيع في غزة ولبنان، على أن تجري مفاوضات مكثّفة مع حزب الله وحماس بوساطة أميركية وفرنسية للتوصّل إلى صفقة خلال الأسابيع الأربعة". وبحسب القناة، فإن "المبادرة تشمل أيضاً صفقة لإعادة الأسرى من غزة، وإطلاق سراح مئات الفلسطينيين، وتطبيق القرار 1701 لإبعاد حزب الله عن الحدود في الشمال". لكنّ مراسل القناة، أشار إلى أن "فرص نجاح هذا المقترح ضئيلة حالياً، وإن كانت غير مستحيلة". وفي السياق نفسه، قال نتنياهو إن "أي مفاوضات تهدئة ستكون تحت النار وسنواصل ضرب حزب الله"، كما نُقل عن محيطين به أن "فرص التوصل إلى تهدئة، لا تزال ضئيلة". في حين نقلت القناة 12 عن غالانت إشارته إلى أن "الحرب في الشمال قد تؤدّي إلى تسوية تشمل أيضاً استعادة الأسرى".
الكاتب: غرفة التحرير