استجابة لدعوة رسمية من رئيس الجمهورية الإسلامية في إيران مسعود بزشكيان، زار رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إيران، بهدف تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، ومناقشة التطورات الإقليمية وآليات دعم الاستقرار في المنطقة، خاصةً مع استمرار العدوان الأمريكي الإسرائيلي على قطاع غزة، وبعد الأحداث التي حصلت في سوريا، وما ستعكسه حتماً من تداعيات على كل منطقة غربي أسيا.
وكان بداية الزيارة كما هو البروتوكول، انطلاقاً من قصر سعد آباد في العاصمة الإيرانية طهران، الذي وصله الرئيس محمد شياع السوداني على رأس وفد حكومي. وبعد لقاء الرئيسان بزشكيان والسوداني، صرح الأول بأنه أبدى "القلق تجاه احتمال تفعيل الخلايا الارهابية في المنطقة"، مضيفاً بأن للجمهورية الإسلامية مع العراق "هواجس أمنية مشتركة في سوريا"، وأنه تم البحث في "خطط التعاون الامني المشترك بين البلدين وإزالة العراقيل امام الاتفاقيات المبرمة"، واصفاً المباحثات بأنها "كانت طيبة بشأن العلاقات الثنائية بين البلدين وتشهد أفضل مستوياتها"، وأن رئاسة الجمهورية الإسلامية تضع "تنمية العلاقات مع الجوار وخاصة العراق" في أولوياتها.
بدوره قال الرئيس محمد شياع السوداني بأن "استقرار سوريا هو مفتاح استقرار المنطقة بأكملها"، داعياً الى "حل سياسي شامل يحفظ سيادة سوريا ووحدة أراضيها ويضع حدا للتدخلات الخارجية التي تضر بمصالح الشعب السوري"، ومؤكّداً على احترام "ارادة الشعب السوري ودعم اي نظام سياسي أو دستور يختاره بنفسه دون تدخلات خارجية".
الحشد الشعبي أحد عناصر القوة العراقية المهمة
أمّا القسم الأبرز من الزيارة، فكان في لقاء قائد الثورة الإسلامية الإمام السيد علي الخامنئي، والذي تخلله العديد من المواقف والرسائل اللافتة، خاصةً بما يتعلق بمؤسسة الحشد الشعبي العراقي، الذي تحاول بعض الأطراف العربية والأجنبية، بتوجيه أمريكي، التصويب عليه من خلال إشاعة شعار عدم الحاجة لوجود هذه المؤسسة، وهو ما يتناقض واقعاً مع كل تطورات المنطقة، خاصةً في سوريا، والتي أثبتت أهمية وجود هكذا مؤسسات تكون منبثقةً من الشعب وقادرة على مواجهة التحديات والتهديدات التكفيرية أو حتى الأطماع الإسرائيلية.
فخلالَ لقاء الإمام الخامنئي مع الرئيس محمد شياع السوداني، والوفد المرافق له، قال قائد الثورة بأن الحشد الشعبي يشكّل أحد عناصر القوة المهمة في العراق ويجب السعي للحفاظ عليه وتعزيزه بنحو أكبر، مشيرًا إلى أنّ وجود القوات الأمريكية المحتلة في العراق غير قانوني ويتعارض مع مصالح الشعب والحكومة العراقيين. لافتاً إلى أن "الأدلة والشواهد تؤكد أن الأمريكيين يسعون إلى تثبيت وتوسيع وجودهم في العراق، لذا يجب التصدي لهذا الاحتلال بجدية".
وأعرب الإمام الخامنئي عن تقديره للخطوات الإيجابية التي اتخذها الرئيس السوداني في سبيل إعمار العراق وتعزيز أمنه، مشدّداً على أنه "كلّما كان العراق أكثر ازدهارًا وآمنًا، كان ذلك في مصلحة جمهورية إيران الإسلامية أيضًا". مشيراً إلى أهمية العلاقة الجيدة بين حكومة العراق وشعبه، ومؤكّدًا على ضرورة الحفاظ على الوحدة والتناغم بين الطوائف والقوميات المختلفة في العراق.
ثم أشار الإمام الخامنئي إلى التطورات في المنطقة، لا سيما في سوريا، بالقول: "لقد أصبح دور الحكومات الأجنبية في هذه القضايا واضحًا تمامًا".
وفي هذا اللقاء الذي حضره أيضًا رئيس الإيراني مسعود بزشكيان، أعرب الرئيس محمد شياع السوداني، عن سروره بالمحادثات التي أجراها في الجمهورية الإسلامية، آمِلًا في أن تسهم المحادثات والاتفاقيات التي تم التوصل إليها في تعزيز العلاقات بين البلدين بنحو أكبر وتعميقها. مشيراً أن الشعب والحشد الشعبي والوحدة والتناغم الوطني والمرجعية الدينية، كلها من عناصر القوة في العراق. وفي حديثه عن اعتداءات الكيان المؤقت في غزة ولبنان، أكّد بأن موقف العراق الأساسي هو دعم شعبَي غزة ولبنان وكذلك المقاومة في المنطقة. وبالتالي فإن هذه المواقف تعكس صلابة موقف الدولة العراقية من جهة، وتؤكّد من جهة أخرى بأن محور المقاومة بمكوناته لا يزال متماسكاً وثابتاً على مبادئه، بعكس ما يدعيه البعض من تسيّد لأمريكا على المنطقة.
الكاتب: غرفة التحرير