الثلاثاء 20 أيار , 2025 11:08

"مركبات جدعون" بعجلات أمريكية: توزيع مساعدات التهجير

الهدف من مساعدات الشركة الأمريكية: تفكيك غزة.

هل تصبح المساعدات الغذائية أداةً لتطبيق مخططات العدو في قطاع غزة، والفصل بين القاعدة الشعبية الغزّاوية وحركة حماس؟ يُروّج لاحقاً لخطة تقضي بإدخال المساعدات الغذائية إلى قطاع غزة عبر شركة أمريكية غير تابعة لأي جهة رسمية (أي شركة مستأجرة لأهداف خاصة وتتقاضى الأموال مقابل تنفيذها)، ما يثير التساؤل: بعد خطة التجويع المستمرة التي مارسها العدو ضد القطاع، ومنع خلالها دخول أي مساعدات أو غذاء، لماذا يُلمّح اليوم إلى إدخالها بهذه الطريقة؟ لا بدّ أن وراء هذا المخطط عدة غايات، أولها توفير الغطاء الدولي لعملية "مركبات جدعون" بحجة أنه "يراعي الجانب الإنساني"، وذلك بمنع سكان غزة من الجوع الذي قد يضغط على "إسرائيل" لإيقاف حربها. ولكن، من المؤكد أن هذه ليست كل الأهداف، إذ إن الخطة – في حال نُفّذت – ستكون لها تداعيات خطيرة. فكيف سيُستخدم إدخال المساعدات كأداة لتحقيق الهدف العسكري؟

فصل القاعدة الشعبية عن حركة حماس

صرحت صحيفة يديعوت أحرونوت بأن "هدف إسرائيل من خطة توزيع المعونات عبر شركة أمريكية هو فصل السكان عن حماس، وإنهاء سلطتها عليهم عبر إخراجهم من مناطق القتال" والتي ظلوا فيها حتى في ذروة الحرب على القطاع. وبذلك، فإن تقديم الغذاء من قبل الشركة الأمريكية سيكون – بحسب رؤية العدو – وسيلة لدفع أهل غزة نحو خيار يوفّر لهم الحد الأدنى من احتياجاتهم في ظل الحرب الشرسة، وبالتالي الابتعاد عن حماس ومحاولة ضرب العلاقة بينها وبين قاعدتها الشعبية. بالإضافة إلى ذلك، فإن العدو يسعى إلى وسيلة جديدة لإبعاد أهل غزة عن شمال القطاع، بعد فشله في تحقيق ذلك عبر إنذارات الإخلاء والمنشورات التي وُزعت سابقاً. وقد وصف العدو سكان شمال القطاع بـ"النواة الصلبة" بعد رفض الكثير منهم مغادرة منازلهم. لكن عملية الإبعاد هذه، وإن كانت تحقق فصلاً جغرافياً بين السكان وحماس في نظر العدو، إلا أنها ليست غاية بحد ذاتها؛ بل تمهد لأهداف أخطر.

أولًا: التهجير

تُوضَع غزة اليوم أمام احتمال تهجيري خطير. إذ تشير التقديرات إلى أن من يتوجه جنوباً للحصول على الغذاء لن يُسمح له بالعودة مجدداً إلى شمال القطاع. وقد وصفت إذاعة "الجيش الإسرائيلي" هذه الخطوة بـ"تذكرة باتجاه واحد"، في إشارة إلى نية الاحتلال إفراغ الشمال بشكل نهائي. ويؤكد صانعو القرار في الكيان أن هذه الخطوة ستؤدي إلى "إفراغ شمال قطاع غزة من السكان بشكل كامل"، ما يسهّل – في المرحلة التالية – تنفيذ الخطة التي تحدث عنها وزير المالية "الإسرائيلي" بتسلئيل سموتريتش، والتي تنص على نقل سكان غزة لاحقاً إلى بلد ثالث خارج القطاع.

ثانيًا: الاستفراد بحماس

بعد إفراغ الشمال من السكان، يتهيأ للعدو المجال – بحسب مخططه – للاستفراد بحماس، من خلال نقل المعركة إلى نطاق خالٍ من المدنيين، ما يقلّل الضغط السياسي والإعلامي عنه. فيتيح له هامش تحرك أوسع ويساعده على تنفيذ أهداف عسكرية مباشرة، أبرزها رصد تحركات المقاومة من مسافة قريبة وكذلك مراقبة مدى قدرات المقاومة العسكرية والبشرية، والتمكن من استعادة الأسرى المحتجزين لدى حماس.

الخلاصة

إن طرح إدخال شركة أمريكية لتوزيع المساعدات جنوب قطاع غزة لا يمكن قراءته كمبادرة معزولة عن عملية "مركبات جدعون". فالمخطط يحمل دلالات واضحة على دور أمريكي مباشر عبر المشاركة في تنفيذ أهداف الخطة. وبذلك، يتوزع الدور بين الطرفين: إسرائيل تُنفذ ميدانيًا، وأمريكا توفر التغطية السياسية واللوجستية عبر أدواتها الخاصة.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور