الثلاثاء 20 أيار , 2025 03:12

أوكرانيا مُستَعمرة موارد: تحليل لاستراتيجيات الاستغلال وأهدافها الاقتصادية والسياسية

خريطة أوكرانيا

منذ تفكك الاتحاد السوفييتي، ظلّت أوكرانيا ساحة مركزية في الصراع الجيوسياسي بين الشرق والغرب، تتجاذبها المصالح الروسية من جهة، والطموحات الغربية من جهة أخرى. ومع كل منعطف تاريخي حاد، كانت أوكرانيا تدفع الثمن: من الثورة البرتقالية، إلى احتجاجات الميدان، ثم إلى الحرب الشاملة مع روسيا في 2022. غير أن ما تكشفه هذه الورقة هو أن الحرب لم تكن سوى ذروة مسار استغلالي طويل بدأ مبكرًا، وتحوّلت فيه أوكرانيا من دولة تسعى إلى بناء ذاتها إلى "أداة وظيفية" تخدم مصالح القوى الكبرى.

تقدّم هذه الورقة تحليلًا معمقًا لكيفية استخدام الغرب لأوكرانيا كورقة استراتيجية في مواجهة روسيا (والصين بشكل غير مباشر)، وذلك عبر أدوات اقتصادية، سياسية، عسكرية، إعلامية، ومؤسساتية، تُفضي كلها إلى تفكيك السيادة الأوكرانية واحتكار مواردها الطبيعية، لاسيما في مجالات الزراعة والطاقة والمعادن النادرة. ويأتي توقيع اتفاقية المعادن النادرة مع الولايات المتحدة عام 2025، بعد مذكرة التفاهم مع الاتحاد الأوروبي، كتتويج لاستراتيجية استنزاف وتبعية مدروسة.

من خلال تفكيك مراحل هذا الاستغلال-قبل الحرب، وأثناءها، وبعدها- تسعى الورقة إلى الإجابة على أسئلة جوهرية: ما هي أهداف الغرب الحقيقية من دعم أوكرانيا؟ ما هي أساليب الهيمنة التي تم استخدامها؟ وكيف أثرت هذه السياسات على أوكرانيا وروسيا والنظام الدولي؟ والأهم: هل نحن أمام شكل جديد من الاستعمار الاقتصادي الناعم يُمارَس باسم "الديمقراطية" و"الإعمار" و"الشراكة"؟

تتناول هذه الورقة السياسات الغربية تجاه أوكرانيا في الفترة ما بين 2014 و2025 بوصفها نموذجًا مكتمل الأركان للاستغلال الجيوسياسي والاقتصادي لشعب ودولة تحت شعار "الدعم والإصلاح". ينقسم التحليل إلى خمس مراحل رئيسية: بداية، الخلفية الجيوسياسية (2014-2021 (استغلال الاضطرابات السياسية في أوكرانيا لتكريس النفوذ الغربي عبر ثورات ملونة ودعم النخب الموالية للاتحاد الأوروبي والناتو. ثم دراسة أدوات الاستغلال قبل الحرب (2014–2022) تدخلات نيوليبرالية عبر صندوق النقد الدولي، خصخصة الزراعة والطاقة والمعادن، وهيمنة شركات مثل Cargill وShell على القطاعات الحيوية. واستغلال الحرب (2022–2024) تحويل أوكرانيا إلى مختبر ميداني لصناعة السلاح، مصدر بديل للطاقة الأوروبية، وميدان للهجرة المنظمة واستنزاف العقول. إضافة إلى اتفاقية المعادن النادرة (2025) التي تمثل ذروة الاستغلال الغربي، حيث وُقّعت اتفاقيتان متزامنتان مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، تكشفان عن صراع بين الحلفاء على الموارد، وتكرّسان أوكرانيا كمستعمرة موارد وفق نموذج الهيمنة الاقتصادية الناعمة. هذا الصراع ولد تداعيات كثيرة على اوكرانيا، التي فقدت السيادة، التبعية الاقتصادية، واستنزاف الموارد البشرية والطبيعية. أمّا على روسيا فقد عمّق الشعور بالمحاصرة، وتسريع عسكرة الاستراتيجية الروسية. ويبقى مزيد من التصعيد في الصراعات على النظام الدولي، خاصة بين الغرب والصين، وإعادة إنتاج الاستعمار بأدوات ناعمة. أمّا على الأخلاق السياسية، فهو يكشف ازدواجية المعايير في الخطاب الحقوقي الغربي. بالنتيجة، لم تكن الحرب على أوكرانيا مجرد صدام حدودي، بل لحظة تاريخية وظّفتها القوى الغربية لإعادة هيكلة دولة ضعيفة تحت غطاء "الديمقراطية والإعمار"، وتحوّلت فيها أوكرانيا من مشروع سيادي إلى وظيفة اقتصادية وأمنية في استراتيجية الصراع العالمي الجديد.

لتحميل الدراسة من هنا





روزنامة المحور