الأربعاء 18 حزيران , 2025 03:55

المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يعترف: "لا دليل على سعي إيران لامتلاك سلاح نووي"

المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي والسيد علي الخامنئي أمام المفاعلات النووية

"لا دليل على سعي إيران لامتلاك سلاح نووي"، هذا ما اعترف به المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، في تصريح مفاجئ و"متأخر" مؤكداً بأنه "لا يوجد أي دليل على وجود جهود منهجية من قبل إيران للحصول على سلاح نووي".

جاء هذا التصريح في مقابلة مع قناة CNN، حيث نشر المذيع جزءًا من الحوار على منصة "إكس" مؤكداً أن الوكالة لم ترصد أي نشاط من هذا النوع من قِبل إيران. ورغم هذا الاعتراف، فإن التقرير الأخير للوكالة، الذي أُعد بإدارة غروسي، جاء بصيغة تتماشى مع ادعاءات زائفة، مما وفر غطاءً سياسياً وإعلامياً للعدوان الإسرائيلي على الجمهورية الإسلامية الإيرانية مؤخراً.

وقالت الشبكة الأميركية (CNN) إن تقديرات الاستخبارات الأميركية قبل بدء الحرب الإسرائيلية على إيران تظهر أن طهران لم تكن تسعى بنشاط لتصنيع سلاح نووي، بل كانت بعيدة بمقدار 3 سنوات عن هذه النقطة.

وتختلف هذه التقديرات -التي نقلتها الشبكة عن 4 مصادر مطلعة- عما روجت له إسرائيل من أن إيران اقتربت للغاية من "نقطة اللاعودة" وأصبحت قاب قوسين أو أدنى من امتلاك سلاح نووي، وهي الحجج التي ساقتها بشأن قرار الحرب على إيران، والتي وصفتها بأنها عملية استباقية.

تعود جذور الرؤية الرافضة والمنددة بحيازة إيران للسلاح النووي إلى أصل الصراع بين المشروعين المتناقضين في المنطقة: المشروع الاستعماري التوسّعي العدائي والمشروع المناصر للمظلومين والمستضعفين. المخاوف من القنبلة النووية الإيرانية ترتبط مباشرة بالوجود الإسرائيلي في المنطقة، والمشروع الأميركي الهادف إلى تفتيت المنطقة وتقسيم الدول على المدى المتوسط والبعيد. وبينما كانت إيران دائماً تنفي تطلعها نحو السلاح النووي بعقيدة حرمة الامتلاك وفق فتوى المرجعية، كانت تصر واشنطن ومعها المجتمع الدولي على محاصرة إيران وبرنامجها المدني.

ويُنظر إلى موضوع حيازة إيران للقنبلة النووية بكثير من الهواجس والمخاوف، تعكسها التصريحات المباشرة للعديد من الدول والمنظمات الدولية التابعة للنظام السياسي المهيمن على العالم، وكان الموضوع الأساسي للمفاوضات الأميركية الإيرانية، التي يبدو أنها باءت بالفشل، وقد عاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب  إلى منصبه برسالة واضحة: لن تمتلك إيران أسلحة نووية أبدًا. ويمثّل تطور القدرات النووية الإيرانية وامتلاك السلاح النووي محوراً رئيسياً في السياسة الخارجية الأمريكية، بذريعة منع انتشار أسلحة الدمار الشامل على المستوى العالمي، ولقدرته على إعادة تشكيل الأمن والسياسة وخلط أوراق أهم القضايا الأمنية والسياسية على المستوى الإقليمي.

يعدّ منع إيران من الحصول على الأسلحة النووية أو القدرة على إنتاجها بمثابة هدف معلن للمجتمع الدولي. وتسيطر على السردية السياسية والإعلامية الرافضة والمدينة لامتلاك إيران للقنبلة النووية ذريعة المخاوف من عدم الاستقرار الإقليمي، حال انتشار الأسلحة النووية في منطقة تشهد العديد من التوترات والصراعات الجيوسياسية التي قد تتطور إلى صراع يزيد خطورة عواقبها سوء التقدير أو التصعيد المرتفع. على المستوى العالمي وبالعموم، تركز مراكز الفكر الغربية على تداعيات حيازة السلاح النووي الإيراني على تقويض نظام حظر الانتشار النووي العالمي، وعدم حصرها بالقوى النووية الحالية وتأثير ذلك على موازين القوى.

أخيراً، دفع تغيّر الحكم الإيراني مع قيام الثورة والنظام الجمهوري الإسلامي المرتكز على السيادة والاستقلالية والاقتدار الوطني، بالولايات المتحدة الأميركية إلى تبني سياسة عدائية تجاه إيران قامت على حرمان إيران من أبسط حقوقها، وفي طليعتها الحق في التخصيب النووي وتطوير القدرات النووية المدنية، على الرغم من التشديد الإيراني بأن البرنامج النووي الإيراني سلمي، ولا يوجد نية لدى القيادة الإيرانية بتطويره إلى مستوى السلاح نووي، وتصنيع القنبلة النووية. ولا بد من الإشارة بأن منشأة "فوردو" النووية الإيرانية تعتبر "الكابوس الأكبر لإسرائيل" بحسب مقال لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، حيث أكدت أنه من الصعب تدميرها ومن الضروري دخول الولايات المتحدة على خط الحرب، التي "قد" تستطيع صواريخها الوصول إلى عمق المنشأة، الذي يبلغ نصف كيلومتر تحت الأرض.

تتجه اليوم الأنظار إلى قرار الولايات المتحدة المحتمل بدخول الحرب بشكل مباشر إلى جانب الكيان الإسرائيلي، وتعد منشأة "فوردو" منطلق هذا العدوان المحتمل. ويبدو أن القادة العسكريين الإسرائيليين يعترفون بحقيقة مفادها أن تنفيذ عملية حاسمة ضد "فوردو" سيكون مستحيلاً من دون الدعم الأميركي، لذلك، هناك ضغط من إسرائيل لدفع أمريكا إلى الانضمام للهجوم، خاصة لاستهداف منشأة "فوردو" المحصّنة، والتي تتطلب قنابل خارقة للتحصينات لا تملكها إسرائيل. في المقابل، يخشى ترامب التورط في حرب إقليمية شاملة، ويفضّل استخدام الموقف كورقة ضغط للوصول إلى "صفقة نووية" أفضل.

وإذا قرر ترامب الانضمام للهجوم واستهداف منشأة "فوردو"، فإن الحرب ستدخل مرحلة جديدة كلياً. لكن هذا الخيار يحمل مخاطرة هائلة بردٍّ إيراني شامل ضد القواعد والمصالح الأمريكية في المنطقة، وإغلاق مضيق هرمز، مما قد يشعل حريقاً إقليمياً واسعاً.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور