هي الإستراتيجية الأمريكية التي لا تتغير، فحيثما تفشل في حربها العسكرية والسياسية ضد بلد ما، حتى تلجأ إلى تكتيكات اقتصادية ضده، تبدأ بالعقوبات الأحادية الجانب، ولا تنتهي بالقوانين التي تشرعها تحت غطاء إنساني. وسلاحها في كل هذه التكتيكات هو الدولار، العملة النقدية الأكثر تداولاً في التعاملات التجارية العالمية.
بعد أكثر من 10 سنوات من فشل الحرب العسكرية على سوريا، المفروضة أمريكياً بدعم واسع من الدول العربية والأجنبية التابع لها، وعبر تجنيد آلاف المقاتلين القادمين من أنحاء العالم. قامت واشنطن بسن قانون تشريعي سمته "قيصر" ليكون حلقة من نار اقتصادية، تضغط فيها على دمشق، ومن ورائها للضغط على كل دول و شعوب محور المقاومة.
لكن تطبيق قانون قيصر، وضع الشعب السوري الذي شهد أحداثًا مؤلمة لا تعد ولا تحصى خلال العقد الماضي، أمام تحدي اقتصادي جديد، انخفضت فيه قيمة الليرة السورية بشدة مقابل الدولار. حيث ارتفع سعر الصرف الرسمي لليرة السورية من 450 إلى 2900 ليرة مقابل الدولار ، بينما كان قبل اندلاع الحرب عام 2011، يساوي 50 ليرة سورية.
التأثير الإقتصادي لارتفاع قيمة الدولار
بعد الانخفاض الحاد في قيمة الليرة السورية مقابل الدولار، ارتفعت أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية والمواد الخام بشكل حاد، في حين أن حياة معظم السوريين ذوي الدخل المتوسط الذي يبلغ حوالي 25 دولار شهريًا تأثرت سلباً، وأدت إلى نقص حاد في الغذاء والدواء والإمدادات الحيوية. و تكمن خطورة "قانون قيصر"، بأنه يفرض عقوبات ثانوية على حلفاء الحكومة السورية، من حكومات وشركات وأفراد، يعملون في مجالات النفط والغاز الطبيعي أو يعملون في التجارة الخارجية .
و كشف مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا "جير بيدرسون " مؤخرًا، أن الوضع في سوريا يزداد سوءًا، حيث يعاني 9 ملايين و 300 ألف مواطن من انعدام الأمن الغذائي. ويمكن إضافة أكثر من مليوني شخص إلى هؤلاء الأشخاص. فإذا ساء الوضع ، فقد تكون هناك مجاعة، كما أن عددًا كبيرًا من السوريين، وخاصة أولئك الذين نزحوا من منازلهم، سيصبحون قريبًا على وشك المجاعة، وستكون وسيلة لإطلاق موجة جديدة من الهجرات تضع الدول المجاورة والدول الأوروبية مرة أخرى، أمام أزمة إنسانية لا تحسد عليها.
التهديد ينقلب إلى فرصة
إستطاعت سوريا دولة و شعباً، من تحويل هذه الحرب الإقتصادية إلى فرصة أخرى، من خلال تعزيز التعاون مع الصين وروسيا وإيران لتجاوز الأزمة، لأن هذه الدول هي الأكثر انفتاحًا على أي نشاط اقتصادي وتجاري في سوريا. وكان رد إيران على العقوبات الأمريكية بتعزيز التعاون الاقتصادي مع سوريا من خلال فنح خط ائتماني لديها، ومن خلال تزويد دمشق بكل المواد الحيوية الضرورية من مشتقات نفطية و مواد غذائية وأدوية.
الكاتب: غرفة التحرير