تشدد السعودية الحصار الاقتصادي على الشعب اللبناني، عبر استخدام الورقة التجارية، من أجل فرض املاءاتها وتنفيذ أجندتها، وهذه المرة بذريعة مكافحة تجارة المخدرات.
لبنان الذي لا يُصدّر فاكهة الرمان بل يستورده عادةً، مُتهم بتصدير شحنةٍ كبيرة بمقدورها ان تستوعب 2.4 مليون حبة مخدر، لكن ليس من وقت بعيد، السعودية نفسها قامت بوساطات للافراج عن الأمير عبد المحسن بن وليد آل سعود الملقب "أمير الكابتغون"، الذي ضُبط متلسباً بتهريب ما يقارب 2 طن من الكابتغون عام 2015 في مطار بيروت.
غير أن الرياض، واستكمالاً لمسرحيتها، ارتأت أن توقف استيراد الخضار والفاكهة بدءاً من يوم الأحد، إضافة لمنع مرور البضائع هذه داخل أراضيها، "إلى حين تقديم السلطات اللبنانية المعنية ضمانات كافية وموثوقة لاتخاذها الإجراءات اللازمة لإيقاف عمليات تهريب المخدرات المُمنهجة ضدّها" كما جاء في البيان الصادر عن السفارة السعودية في لبنان.
وفق العرف السائد بين الدول، لا تُقطع العلاقات التجارية بين بلدين على إثر ضبط كميات من المخدرات والمواد الممنوعة المصدرة من بلد إلى آخر، بل يجري رفع مستوى التعاون والتنسيق لضبط الحدود والمراكز الجمركية، وهذه عينة عن نشاط المملكة في هذا المجال خلال السنوات الماضية:
-عام 2019 ضبطت السعودية على المنفذ الحدودي مع الامارات، أكثر من 10 ملايين حبة كبتاغون، واستمر التنسيق بين البلدين دون اتخاذ اي اجراء بتجميد او قطع العلاقات بين البلدين.
-حوالي 9 ملايين حبة كابتغون تم احباط تهريبها من تركيا إلى السعودية، عام 2020، وعلى الرغم من فتور العلاقات بين البلدين، ومطالبة ناشطين بوقف الاستيراد من تركيا، إلا ان ذلك لم يحدث، واقتصر الأمر على المقاطعة غير الرسمية لبعض البضائع فقط.
فلماذا لم تتخذ اجراءات مماثلة بحق تلك الدول؟ ولماذا لم تكشف السعودية إلى الآن عن اسم المصدر والمستورد؟
الرياض التي تتصدر منطقة الشرق الأوسط عن ترتيب "الامفيتامين"، وفق تقرير صادر عن الأمم المتحدة، لا نيةَ لها بمكافحة المخدرات، بل هي حجة واهية لأجل الحصول على مكاسب سياسية بضربة واحدة: الأولى عبر إحكام الحصار الاقتصادي غير المعلن على اللبنانيين، والثانية باستدارة المملكة نحو مرفأ حيفا في خطوة لبدء التعامل التجاري مع "إسرائيل"، فيما الأخيرة تتذرع "بالفلتان الأمني على الحدود اللبنانية"، للمطالبة بارسال قوات دولية لضبط الحدود، والهدف دائما المقاومة وتقييد حركتها ومراقبتها.
كثيرة هي الأسئلة المريبة حول الخطوة السعودية هذه، لا شك ان قرار الحصار التجاري على اللبنانيين قد اتٌخذ، وهو حصار متدرج يأتي ضمن سلسلة اجراءات عملت عليها "مملكة الخير" خلال السنوات القليلة الماضية من أجل افقار الشعب الذي مرّغ بالتراب سمعة كيان الاحتلال.
خطوة السعودية ليست الأولى ولن تكون الأخيرة في محاصرة وتجويع اللبنانيين، ولحقتها خطوات وإجراءات من الكويت والبحرين، وربما تليها من دول خليجية أخرى لا تستطيع إلا أن تدور في فلك "مملكة الخير".
الكاتب: غرفة التحرير