شهدت المنطقة تصعيدًا خطيرًا تمثل في اغتيال شخصيات بارزة من قيادات محور المقاومة وهما المسؤول العسكري الكبير في حزب الله فؤاد شكر، ومسؤول المكتب السياسي في حركة حماس اسماعيل هنية، في عمليات دقيقة نفذتها إسرائيل بدعم من الولايات المتحدة. هذه الاغتيالات لم تكن مجرد ضربات عسكرية، بل كانت جزءًا من استراتيجية أوسع تهدف إلى تقويض قدرات القيادات لدى المقاومة وفرض معادلات جديدة للردع. ومع ذلك، وبعد تنفيذ هذه العمليات، برزت حالة من التوتر والتخبط داخل الأوساط السياسية والعسكرية الإسرائيلية، ظهرت من خلال التصريحات والبيانات التي صدرت من القيادات الاسرائيلية ومن البيت الأبيض. وهو الأمر الذي يعكس أن كيان الاحتلال غير قادر على التحكم في نتائج أفعاله، وأنه يمارس سياسة حافة الهاوية في قراراته الاستراتيجية العسكرية.
في هذه المادة تحليلًا مفصّلًا لأبرز التصريحات والبيانات التي صدرت بعد 1و2 آب أغسطس 2024، وذلك في سياق تحليل البروباغندا للتنبؤ بالواقع السياسي، تم تصنيفها (التصريحات والبيانات) ضمن خمس مواضيع- رسائل وهي: الضربة الاستباقية - الخطط الهجومية - منع التصعيد - تقدير طبيعة الرد - تقدير موعد الرد.
بعد ذلك تم تفكيك الرسائل من خلال تمييز الدعاية من خلال النظر في خمسة عناصر بالترتيب: المصدر (دعاية بيضاء او سوداء)، والوقت، والجمهور (المباشر وغير المباشر والجمهور غير المقصود والجمهور غير المقصود ظاهريا)، والمحتوى (أخبار أو معلومات استخبارية أو دعاية جديدة أو دعاية مضادة)، وأخيرًا الهدف من الرسالة المتداولة. وبعد ذلك تمّ إخضاع الرسائل لتقنيات التأثير المستخدمة في العمليات النفسية.
في الخطوة الثانية قمنا بتفكيك الدعاية من خلال البحث في القيود السياسية والأمنية، والتي تتضمن مجموعة من العوامل مثل: - الدعاية مقابل الحقيقة أو القدرة - التوازن بين سياسات الجبهة الداخلية والحرب النفسية الميدانية - التأطير السياسي لمساعدة الدعاية والعمليات العسكرية وأنواع الوعود السياسية التي يمكنهم أو لا يمكنهم تقديمها - القيود والمخاطر الأمنية للتصريح أو الاعلان - تخمين أولي حول ما إذا كان التأثير المقصود يتحقق أم لا - استخدام الحقيقة بشكل انتقائي - التزوير الذي يبدو.
في الخطوة الثالثة قمنا باقتراح رسائل مضادة هدفها تبيان التضليل وإزالة التأثير المحتمل. وفي الخاتمة التحليلية تمّ جمع تحليل الرسائل في سياق الواقع السياسي والأمني والعسكري للعدو الاسرائيلي.
وبعد تحليل الرسائل، يتضح أن هناك حالة من التخبط وعدم اليقين تسود داخل الكيان الإسرائيلي وحلفائه في ظل انتظار الرد المحتمل من إيران وحزب الله على اغتيال القادة شكر وهنية. هذه الرسائل، التي تتراوح بين محاولة تقدير موعد الرد والتحذير من هجمات وشيكة وأخرى استباقية، تكشف عن حالة من التوتر والارتباك الذي يعيشه الكيان، حيث تسعى الجهات السياسية والعسكرية إلى تبرير تحركاتها وتقديم تفسيرات تساهم في تهدئة الرأي العام أو تهيئته للأسوأ.
هذا التخبط يظهر أيضًا في التناقض بين الرسائل التي تحاول تضخيم التهديد وتلك التي تسعى إلى التقليل من شأنه، مما يزيد من حالة الارتباك. التوظيف المكثف لتقنيات التأثير، مثل الترويج، الإثارة، وإظهار القوة، يكشف عن رغبة غير موجودة في السيطرة على الموقف.
التناقض بين التصريحات التي تتحدث عن استعدادات فورية لهجوم محتمل، وبين تلك التي تنفي وجود تحركات واضحة للعدو، يكشف عن تخبط واضح في التقييمات الاستخباراتية والسياسية. هذا التخبط لا يعكس فقط حالة من الارتباك داخل الكيان الإسرائيلي، بل يعكس أيضًا حقيقة أن إسرائيل والولايات المتحدة غير متأكدين من طبيعة وحجم الرد المتوقع.
إلى ذلك، فإن التركيز على احتمالية وقوع الهجوم في أي لحظة، جنبًا إلى جنب مع التصريحات التي تُقلل من وجود تحركات فورية، و في ظل حركة دبلوماسية واسعة باتجاه ايران ولبنان لعدم التصعيد، والترويج للقوة والاستعداد من جهة، وإثارة الشكوك والتردد من جهة أخرى، تسعى هذه الحملة إلى دفع إيران وحزب الله إلى إعادة تقييم خياراتهم بدقة أكبر، مما قد يؤدي إلى تأجيل الرد أو تغييره بشكل يحد من مخاطره على الكيان الإسرائيلي. وهو الأمر الذي يعكس أن إسرائيل غير قادرة على التحكم في نتائج أفعالها، مما قد يؤثر على هيبتها الداخلية والإقليمية والدولية.
الواقع أن الولايات المتحدة وإسرائيل تسعيان لتحقيق هدفين متعارضين: من جهة، تريدان تصفية القيادات وإظهار القوة، ومن جهة أخرى، تسعيان لمنع التصعيد ومنع الرد. هذا التناقض يعكس تحديًا استراتيجيًا كبيرًا، حيث أن أي خطأ في الحسابات قد يؤدي إلى نتائج عكسية وتصعيد لا يمكن السيطرة عليه.
للاطلاع على المادة الكاملة إضغط هنا.