مضى شهر على بداية العدوان الإسرائيلي المكثّف على لبنان ولا تزال قيادة الاحتلال وعلى رأسها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مصممة على المضي قدماً، بقرار تحقيق هدف الحرب المعلن، وهو إعادة المستوطنين الإسرائيليين إلى شمال فلسطين المحتلة، وذلك على الرغم من فشل الجيش بالتقدّم في العملية البريّة حتى الآن، كما وفشل سلاح الجو في تحقيق أي هدف سوى قتل المدنيين العزّل والتدمير الهستيري للمدن والقرى.
في المقابل، تسجّل المقاومة يومياً تقدّماً ميدانياً واستراتيجياً، ضمن خطّة إيلام العدو، باستهداف المستوطنات الإسرائيلية وصولاً إلى تل أبيب التي أصبحت في دائرة النار، أما عن حيفا فيتم استهدافها بشكل يومي وشعار المقاومة الآن "سنجعل حيفا مثل كريات شمونة والمطلة". بالإضافة إلى المستوطنات الشمالية التي أصبحت منطقة مشلولة على كل الصعد، ناهيك عن الوقائع التي تثبت فرار المزيد من المستوطنين إلى العمق مع تضاعف حجم الاستهدافات الجديدة للمقاومة الإسلامية، وصولًا لاستهداف منزل نتنياهو نفسه، وبدون تقديم أي خطط حقيقية للجمهور الإسرائيلي حول اليوم التالي للحرب وكيفية إعادتهم إلى مستوطناتهم، وتؤكد استطلاعات الرأي بشكل جازم أن أغلب الإسرائيليين لا يشعرون بالأمان في الكيان.
إنجازات المقاومة خلال الشهر الأول
استطاع حزب الله خلال الشهر الأول تدمير 29 دبابة، بالصواريخ الموجّهة، وهذا يشكّل 5% من مجمل عدد دبابات الميركافا التي يملكها العدو. بالإضافة إلى الجرافات وناقلات الجند التي تم تدميرها.
وأثبت المقاومون حتى اللحظة استبسالاً في الاشتباكات البرية رغم حشد العدو 5 فرق على الحدود (بين 50000 و70000 جندي). تجدر الإشارة أن قوات الرضوان منخرطة في المعركة بالإضافة الى الوحدات الجغرافية في القرى، وتمتلك كل قرية تشكيل عسكري متكامل يعمل تحت قيادة المحور الجغرافي التابع له. أما الجيش الإسرائيلي الذي يتمتّع بقدراته عسكرية واسعة ومرعبة هدفه اليوم تفكيك القدرات العسكرية والبنية الهجومية للتشكيلات الجغرافيا على الحدود وفي العمق والأهم لفرقة الرضوان التي يقول إن تعدادها 5 آلاف فقط مع الفارق في المعدات والتمويل والقدرات مقارنةً بجيش الاحتلال.
أدخلت المقاومة بشكل تدريجي صواريخ ومسيّرات نوعية في عمليّاتها لدكّ المستوطنات الشمالية وصولاً إلى تل أبيب مخلفةً أضرار ماديّة وبشرية، وتسببت الهجمات، بحسب قائد الدفاعات الجوية السابق الجنرال ران كوخاف في حديث للقناة الـ12 الإسرائيلية بحبس أكثر من مليوني إسرائيلي في الملاجئ والغرف المحصنة في أكثر من 190 بلدة ومستوطنة ومدينة.
كما طال العدوان على لبنان تأثيرات اقتصادية مستمرة بلغت 6.7 مليار دولار منذ بداية أيلول، أما نفقات يوم واحد من القتال في لبنان تصل إلى نحو 134 مليون دولار وقد تزداد قريبا، بحسب المصادر الإسرائيلية.
التوقعات المستقبلية
على ضوء الشهر الأول لبداية العدوان، نتوقع مُواصلة القصف الصاروخي على شمال فلسطين المُحتلّة بوتيرة مرتفعة، باستخدام الطائرات المُسيرة والصواريخ الدقيقة والثقيلة مع التركيز على استهداف المواقع العسكرية والمدن والتجمعات السكانية (لتهجيرها)، والجرعات الأكثر إيلاماً التي يقوم بها حزب الله على شاكلة عمليات بنيامينا وقيسارية قد تصبح بشكل شبه يومي لاحقاً في حال توفر الظروف.
وستكمل المقاومة الإسلامية استعداداتها لصدّ أيّ توغّل بري إسرائيلي في الأراضي اللبنانية، وتجهيز الكمائن وخطوط الدفاع.
أما على المستوى السياسي هناك محاولات من خلال المفاوضات لتكريس العدوان الإسرائيلي والقبول بأن لبنان سيصبح ساحة عمليات لمدة طويلة ونحن هنا نتحدث عن مسودة مشروع قرار أميركي- فرنسي جديد سُمي بالقرار "1701 بلاس"، يتضمن في بنوده الـ 14 حلاً ديبلوماسياً للصراع الدائر بين "إسرائيل وحزب الله". ومع زيادة حدة التصعيد في لبنان، لا يتوقف الحديث عن القرار الأممي 1701 الصادر قبل 18 عاماً، والذي دعت الولايات المتحدة الامريكية إلى تنفيذه، لكن الكيان الإسرائيلي لم يحترم القرار، بل عمل طيلة سنوات على اختراقه بكل الوسائل الامنية والعسكرية. لكن تبقى هذه الطروحات في الوقت الحالي سابقة لأوانها أو بالحد الأدنى تشكّل بدايات حلول دبلوماسية غير ناضجة، والكلام للنار في الميدان.
أخيراً، هناك قرار حازم وقاطع لدى قيادة حزب الله بتنفيذ جميع الوعود التي قطعها الشهيد السيد حسن نصرالله والتي ستؤدي في النهاية إلى النصر التام.
الكاتب: غرفة التحرير