الثلاثاء 11 آذار , 2025 11:38

التوغّل الإسرائيلي في سوريا: إخضاع دمشق وجسر للوصول إلى العراق!

دبابة إسرائيلية داخل الأراضي السورية المحتلة

منذ سقوط النظام السوري، يمعن الاحتلال في توغّله داخل الأراضي السورية، باعتبار الحدود مع سوريا تشكّل "تهديداً لإسرائيل" على ضوء الفوضى السورية، ووصل عمق الاحتلال إلى تل المال على بعد 9.43 كلم من المنطقة العازلة. لكن لا يبدو أن القوات الإسرائيلي ستقف عند حد حماية حدودها من الجماعات المسلحة السورية، الذريعة التي تروج لها الأبواق الإعلامية والسياسية الإسرائيلية، بل تهدف "إسرائيل" إلى إخضاع دمشق لسيطرتها بالكامل، وبناء رأس جسر، يبدأ من سوريا ويتفرّع إلى "العراق وكردستان في المستقبل"، بحسب تصريح لرئيس لجنة الأمن القومي في الكنيست الإسرائيلي، بوعاز بيسموت، خلال جلسة إقرار الموازنة في الكنيست.

وأضاف بيسموت "إن سوريا يجب أن تكون تابعة لنا تماماً مثل الأردن، من دون قدرات عسكرية"، مؤكداً أن تل أبيب "لن تسمح بظهور قوة عسكرية في سوريا بعد سقوط نظام الأسد".
وتابع: "يجب أن تكون دمشق تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة، وسنضمن دخولها تحت سيطرتنا. سوريا هي جسرنا للوصول إلى الفرات، وسوف نصل إلى العراق وكردستان في المستقبل". وأتت تصريحات بيسموت بالتزامن مع زيارة زامير إلى المنطقة العازلة في جنوب سوريا.

يركز التقرير على عرض وضعية الاستعداد العسكري للاحتلال، مع تحديد ترتيب ومواقع انتشار الألوية والوحدات المختلفة، بما في ذلك اللواء السابع المدرع، واللواء 679 المدرع الاحتياطي (يفتاح)، والكتيبة 74 المدرعة، واللواء 474 الإقليمي، واللواء 35 المظلي، واللواء 810 الإقليمي (ههاريم)، ووحدة شالداغ. وذلك بهدف توفير صورة واضحة ومفصّلة للقدرات العسكرية التي ينشرها الاحتلال في محافظات القنيطرة درعا وريف دمشق.

الترتيب والاستعداد والانتشار

اللواء السابع المدرع: يتبع نظامياً للفرقة 36 وينتشر من مقابل صيدا وعين ذكر جنوباً وحتى قرية كودنا والبريقة شمالاً ويخترق غرب محافظة درعا في جيبين (بعمق 5 كيلومتر وعرض 2.5 كيلومتر) و (الرفيد بعمق 4.8 كيلومتر بعرض 2 كيلومتر).

اللواء 679 المدرع الاحتياطي (يفتاح): يتبع نظامياً للفرقة 210 الاقليمية وينتشر شمال منطقة مسؤولية اللواء السابع المدرع مقابل بلدة البريقة السورية.

الكتيبة 74 المدرعة التابعة للواء المدرع 188: وتتبع نظامياً للفرقة 36 وتنتشر شمال منطقة مسؤولية اللواء المدرع 679 (يفتاح) وتخترق مع اللواء الاقليمي 474 واللواء 35 المظلي محافظة القنيطرة السورية (القنيطرة + الحميدية + القحطانية + مدينة البعث بعمق 8.5 كيلومتر وعرض 8.5 كيلومتر كيلومتر)

اللواء 474 الاقليمي: ويتبع للفرقة 210 وينتشر مع اللواء الـ 35 مظلي مع الكتيبة 74 المدرعة في منطقة مسؤولية واحدة وقد حقق هذا اللفيف اختراقاً في محافظة القنيطرة بعمق 8.5 كيلومتر وعرض 8.5 كيلومتر.

اللواء 35 المظلي: ويتبع لفرقة الكوماندوس 98 ويعمل ضمن نطاق مسؤولية اللواء 474 التابع للفرقة 210 وقد شارك هذا اللواء والكتيبة 74 المدرعة اللواء 474 بعملية احتلال 4 مدن في المحافظة وهي (القنيطرة – الحميدية – القحطانية – مدينة البعث).

اللواء 810 الاقليمي (ههاريم): ويتبع الفرقة 210 الإقليمية وينتشر في منطقة واسعة تمتد من تلال كفرشوبا إلى أقصى شمال غرب منطقة جبل الشيخ السوري بعمق 9 كيلومتر وعرض 2 كيلومتر.

وحدة شالداغ: وتنتشر في منطقة مسؤولية اللواء 810 في جبل الشيخ.

طبيعة انتشار واستعداد العدو في جنوب سوريا

طبيعة نشر هذه الألوية والوحدات المتنوعة في حالة استعداد في جنوب غرب سوريا يشير إلى وضع دفاعي متعدد الطبقات وقوي ومتقدم مع قدرات هجومية كبيرة، مصمم لتحقيق عدة أهداف رئيسية:

- دفاع متعدد الطبقات: الخط الأمامي - الأمن الإقليمي والسيطرة المحلية: تشكل الألوية الإقليمية (يفتاح - 810 و474) الخط الأمامي للدفاع. تتمركز مباشرة على طول الحدود وداخل الأراضي المحتلة حديثاً. دورها هو إرساء وصيانة أمن مستمر في قطاعات محددة:

هذه الألوية هي المستجيب الأول لأي حوادث حدودية، أو محاولات تسلل، أو اضطرابات محلية. إنها "العيون والآذان" على الأرض، وتوفر مراقبة مستمرة وقدرات استجابة فورية.

- قوة التعزيز والرد - قوة متحركة وهجومية: يتمركز اللواء المدرع (اللواء 7) واللواء المظلي (اللواء 35) خلف الخط الأمامي، ويعملان كـ احتياطي استراتيجي وقوة رد فعل سريع. ليسا مرتبطين بقطاع محدد ولكنهما جاهزتان للانتشار والتحرك بسرعة وحسم حيثما دعت الحاجة.

- نشر قدرات متخصصة ذات أصول عالية القيمة والدقة: نشر وحدة شالداغ في نقاط استراتيجية (مثل جبل الشيخ نفسه) لتوفير قدرات متخصصة وعالية القيمة تكمل التشكيلات الأكبر فتعزز شالداغ قدرات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، وتوفر استطلاعاً عميقاً واستهدافاً دقيقاً للقوات الجوية والبرية. بالإضافة إلى جاهزة للمعاونة في مهام متخصصة تتطلب قوات كوماندوز نخبوية، مثل مكافحة " الإرهاب"، والغارات الموجهة، وعمليات إنقاذ الرهائن. وأخيراً توفّر تكامل جوي-بري، وهو أمر بالغ الأهمية للعمليات المعقدة في بيئة متنازع عليها.

- دفاع متقدم مع خيارات هجومية: تظهر الوضعية العامة للانتشار أن حالة الاستعداد عبر هذه الوحدات لا تعني وضعاً دفاعياً ثابتاً. بل تشير إلى وضعية استباقية ومتقدمة، ويهدف الحجم والتنوع الكبيران للقوات المنتشرة إلى ردع أي خصوم محتملين (القوات السورية، حزب الله، مجموعات أخرى) عن محاولة تحدي الوجود الإسرائيلي أو شن هجمات.

في حين أنها دفاعية في المقام الأول، فإن وجود اللواء 7 واللواء 35، خاصة في حالة الاستعداد، يشير بوضوح إلى أن إسرائيل تحتفظ بخيار العمل الهجومي. الأمر لا يتعلق فقط بإمساك بالأرض؛ بل يتعلق بامتلاك القدرة على التصعيد وإبراز القوة إذا لزم الأمر.

الالتزام طويل الأمد

إن نشر قوة كبيرة ومتنوعة كهذه، والحفاظ عليها في حالة استعداد، هو إشارة واضحة إلى التزام طويل الأمد بالوجود في جنوب سوريا. إنها ليست عملية مؤقتة أو محدودة؛ بل هي إعادة تمركز استراتيجية.

ويعزز هيكل الانتشار الحالي فكرة أن إسرائيل تقوم بإنشاء "منطقة أمنية" بحكم الأمر الواقع داخل سوريا، بهدف السيطرة على المشهد الأمني وتشكيله في هذه المنطقة في المستقبل المنظور.

في خلاصة، يعد انتشار الجيش الإسرائيلي في القرى والبلدات السورية استراتيجية متعددة الأوجه تهدف إلى تحقيق سيطرة عسكرية واستخباراتية شاملة على الأرض والسكان. ويخدم هذا الانتشار أهدافاً عسكرية تكتيكية واستراتيجية، بدءاً من جمع المعلومات وتأمين خطوط المواصلات، وصولاً إلى تقويض المقاومة المحتملة وإظهار القوة والسيطرة، وتسهيل العمليات العسكرية المستقبلية في سوريا، في هذا السياق قررت الحكومة الإسرائيلية تمديد سريان "الأمر 8"، للمرة الثانية منذ اندلاع الحرب والذي يهدف إلى تجنيد 400 ألف جندي وضابط احتياط، متذرعة بأن عام 2025 الحالي، على غرار سابقه، هو عام حرب، ما ينبئ بتصعيد عسكري إسرائيلي في الأيام والشهور القادمة، من المرجّح أن تكون سوريا، وما بعدها، أي العراق وربما إحدى دول الطوق، هي العنوان الأول لهذا التصعيد.  


الكاتب: حسين شكرون




روزنامة المحور