لعلّ نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس، هو الشخص الوحيد في إدارة دونالد ترامب الذي يجرؤ ويستطيع أن يقول له "لا"، وألا يوافق على قراراته وسياساته إذا ما وجد بأنها تتعارض مع أفكاره ومبادئ "MAGA" (Make America Great Again)، وأهمها عدم مشاركة الولايات المتحدة الأمريكية في حروب خارجية.
فدي فانس هو المسؤول الوحيد المُنتخب وليس المعين، وبالتالي لا يُمكن لترامب الذي يكره كل من يُخالفه ويُعارضه، ويقوم بطردهم، أن يفعل هذا الأمر معه بتغريدة على مواقع التواصل أو بطريقته الشهيرة في برنامجه التلفزيوني والقول له: "أنت مطرود – You are Fired".
ومن المعروف بأن دي فانس هو من الشخصيات السياسية الأمريكية العصامية، الذي عاش الكثير من التغييرات في حياته. فهو نشأ في فقر، لكنه التحق بكلية الحقوق بجامعة ييل، واختلط بنخب وادي السيليكون قبل أن يُحوّل قصة حياته إلى مذكرات ذات صبغة سياسية تُدافع عن القيم المحافظة. وهو جندي سابق في مشاة البحرية الأمريكية، وشارك في الحرب على العراق كصحفي عسكري، قبل أن يُصبح ناقدًا لاذعًا للتدخل الأمريكي في الخارج.
وبعد أن قال ذات مرة إنه "ليس فتى ترامب"، تولى منصب نائبه - وهو من أشدّ الموالين لشعار "لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا" (Maga).
ويجعله منصبه الحالي المرشح الأوفر حظًا في السباق الرئاسي لعام 2028، حيث لن يكون ترامب قادرًا على الترشح بموجب القواعد المنصوص عليها في دستور الولايات المتحدة. فترامب، البالغ من العمر 78 سنة، هو أكبر رئيس أمريكي سنًا على الإطلاق، فيما فانس، يبلغ من العمر 40 سنة تقريباً.
وتشير مواجهاته الأخيرة مع حلفاء أمريكا - بما في ذلك مواجهته العنيفة في المكتب البيضاوي مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي - إلى دور محتمل قد يشغله كنائب للرئيس، وهو دور المناصر الشرس لسياسة "أمريكا أولاً" الخارجية.
فما هي أبرز وأهم المحطات في حياة نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس؟
_جيمس ديفيد فانس المولود باسم جيمس دونالد بومان؛ في 2 آب / أغسطس 1984، في ميدلتاون، أوهايو، حيث نشأ أيضا. وهو من أصل أسكتلندي أيرلندي، وبسبب طلاق والديه، احتفظ جيه دي بلقب والدته.
_اتسمت فانس طفولته اتسمت بالفقر والإساءة، وقد عانت والدته من إدمان المخدرات، لذلك نشأ هو وشقيقته الكبرى ليندسي في كنف جديهما من جهة الأم، جيمس وبوني فانس (ني بلانتون)، واللذين كانا يناديانهما "بابا" و"ماما".
_بعد تخرجه من مدرسة ميدلتاون الثانوية سنة 2003، انضم فانس إلى سلاح مشاة البحرية الأمريكي، وعمل صحفيا عسكريا في الجناح الثاني للطائرات البحرية.
_خلال خدمته العسكرية التي استمرت 4 سنوات، شارك في حرب العراق سنة 2005 لمدة ستة أشهر في مهمة غير قتالية، حيث كتب مقالات والتقط صورا.
_في سنة 2007، ترك فانس الجيش واستخدم قانون الجنود الأمريكيين لدراسة العلوم السياسية والفلسفة في جامعة ولاية أوهايو. تخرج سنة 2009 بدرجة بكالوريوس في الآداب (BA) بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى في العلوم السياسية والفلسفة. وفي سنة 2010، التحق بكلية الحقوق بجامعة ييل، حيث فاز بمنصب مرموق في مجلة ييل للقانون. وفي أيار / مايو 2013 حصل على درجة دكتوراه في القانون من كلية الحقوق بجامعة ييل.
_بعد عمله لفترة وجيزة كمحامٍ في مجال الشركات ومساعد في مجلس الشيوخ، أصبح فانس مستثمرًا مغامرًا في شركة ميثريل كابيتال التي يملكها بيتر ثيل.
_في سنة 2016، نشر كتاب "مرثية ريفية"، وهو مذكرات كانت من أكثر الكتب مبيعًا، ولفتت انتباه الرأي العام على الصعيد الوطني.
_بعد معارضته في البداية لترشيح دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة سنة 2016، أصبح مؤيدًا قويًا له خلال رئاسته الأولى.
_فاز في انتخابات مجلس الشيوخ الأمريكي لعام 2022 عن ولاية أوهايو، متغلبًا على المرشح الديمقراطي تيم رايان. وشغل منصب عضو مجلس الشيوخ عن أوهايو من كانون الثاني / يناير 2023 إلى كانون الثاني / يناير 2025.
_في تموز / يوليو 2024، اختاره ترامب ليكون نائبًا له قبل المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري. وقد فازا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024، متغلبين على كامالا هاريس وتيم والز.
_يُوصف بأنه أول نائب رئيس من جيل الألفية، وثالث أصغر نائب رئيس في تاريخ أمريكا. كما يوُصف بأنه محافظ وطني وشعبوي يميني، وهو يصف نفسه بأنه عضو في اليمين ما بعد الليبرالي.
_تشمل مواقفه السياسية: معارضة الإجهاض وزواج المثليين والسيطرة على الأسلحة. وهو ناقد صريح لعدم الإنجاب، وقد أقر بتأثير اللاهوت الكاثوليكي على مواقفه الاجتماعية والسياسية.
_يُعارض استمرار المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا، ويفضل التوصل إلى سلام تفاوضي.
وهو معروف بانتقاده بلجامعات، التي وصفها بـ"العدو". كما ينتقد فانس كلًا من وزارة العدل الأمريكية ومكتب التحقيقات الفيدرالي FBI.
وعلى صعيد السياسة الخارجية، يُوصف بالانعزالية، لكنه يدعم الكيان المؤقت. وهو يدعم تمويل أمريكا لإسرائيل في حرب غزة، وانتقد إدارة بايدن مرات عديدة بزعم "حرمانها الإسرائيليين من الأسلحة الموجهة بدقة" التي يقول بأنهم بحاجة إليها.
أمّأ على صعيد منطقة غربي آسيا، فهو قال: "نريد من الإسرائيليين والسُنّة أن يتولوا مسؤولية منطقتهم من العالم".
وفيما يخصّ الجمهورية الإسلامية في إيران، فقد وضّح ذات مرة رأيه في مقابلة أجريت معه في تشرين الأول / أكتوبر 2024، قال فيها: "لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، لكن مصلحة أمريكا ستكون أحيانا مختلفة. أحيانًا ستكون لدينا مصالح متداخلة، وأحيانًا أخرى ستكون لدينا مصالح مختلفة. وأعتقد أن مصلحتنا تكمن في عدم خوض حرب مع إيران".
_يُعرف عنه اعتباره الصين أخطر تهديد للأمن القومي الأمريكي.
الكاتب: غرفة التحرير