الجمعة 23 أيار , 2025 03:26

حل الدولتين.. ماذا لو اعترف ترامب بفلسطين؟

ترامب وحل الدولتين

أثارت قرارات الرئيسي الأمريكي دونالد ترامب في الآونة الأخيرة موجة من القلق داخل الأوساط الصهيونية بشأن وضع الكيان بالنسبة لأولويات واشنطن. ومع الحديث عن وجود احتمال اعتراف ترامب، في الفترة المقبلة، بالدولة الفلسطينية وذلك بالتزامن مع الترويج لمساعيه لفرض وقف الحرب على غزة، سارعت وسائل الإعلام العبرية ومراكز الدراسات لتسليط الضوء وادّعاء تراجع مكانة الكيان الإقليمية والدولية، وتفاقم عزلتها الاستراتيجية، وتآكل قدرتها على التأثير في قرارات حلفائها. حيث عمدت إلى المبالغة في إبراز حجم القلق والخشية من تخلّي ترامب عن "إسرائيل" لصالح مصالحه.

وتجدر الإشارة إلى أن ذلك لا يعني تدهور العلاقات بين الطرفين وتوجّهها نحو الانقطاع، إنّما هو مجرّد اختلاف في المصالح الحالية بين كل من ترامب ونتنياهو قد ينعكس على السياسات المتبّعة.

وفي حين تلاشى حل الدولتين إلى حد كبير من الخطاب العام والسياسي في إسرائيل ــ وخاصة في ضوء الحرب وموقف الحكومة الحالية ــ فإن المجتمع الدولي لا يواصل فقط إبقاء الفكرة حية، بل ويواصل أيضا السعي بنشاط إلى تنفيذها.

المجتمع الدولي متمسّك بحل الدولتين

في سبتمبر 2024، أطلقت المملكة العربية السعودية والنرويج التحالف العالمي لتطبيق حل الدولتين. وعقب إطلاقه على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، بمشاركة نحو 90 دولة، عُقدت اجتماعات في بروكسل والرياض وأوسلو أواخر عام 2024 وأوائل عام 2025. وكان الدافع وراء هذه المبادرة هو الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي المنتهية ولايته، جوزيب بوريل. كما تدعم خليفته، كايا كالاس، المبادرة وتعتبر حل الدولتين السبيل الوحيد القابل للتطبيق لتحقيق السلام والاستقرار.

بالتوازي مع ذلك، أعلنت فرنسا والمملكة العربية السعودية عن عقد قمة (17-20 يونيو/حزيران) تهدف إلى تعزيز حل الدولتين. وتستند هذه المبادرة إلى قرار أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر/كانون الأول 2024، مؤكدةً التزامها بحل الدولتين، داعيةً إلى عقد مؤتمر دولي رفيع المستوى. ومن المتوقع أن تُصدر القمة خطة عمل مفصلة تتضمن "خطوات لا رجعة فيها" نحو التنفيذ.

وبعد تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية "ليس من المحرمات" وأن هذا الاعتراف يجب أن يتم "في الوقت المناسب"، يطرح معهد الأمن القومي الإسرائيلي سؤالاً: هل سيستغل ماكرون قمة يونيو/حزيران لإعلان اعتراف فرنسا الرسمي، لينضم بذلك إلى 147 دولة سبقتها في الاعتراف؟"

ويضيف التقرير "غياب إسرائيل عن المبادرة، إلى جانب الغياب المتوقع للولايات المتحدة، سيجعلان من القمة على الأرجح مجرد عرض رمزي لدعم حل الدولتين، لا أكثر. وهذا يُبرز، مرة أخرى، عجز المجتمع الدولي عن فرض موقفه على إسرائيل، طالما استمرت الولايات المتحدة في معارضتها للاعتراف الأحادي الجانب بدولة فلسطينية".

ماذا لو اعترف ترامب بفلسطين؟

لكن ماذا لو اعترف ترامب بفلسطين وفرض وقف الحرب على غزة بما يتماشى مع توجه المجتمع الدولي؟

يعد اعتراف ترامب المحتمل بفلسطين وفرض وقف الحرب في غزة تحولًا جذريًا في المعادلات السياسية والإقليمية، وسيعكسان عزلة الكيان المتنامية، وفقدانها زمام المبادرة، وسط تصدع داخلي وتراجع في العلاقة مع أهم حلفائه. ومثل هكذا قرار، سيمثل تحذيراً استراتيجياً للكيان لإعادة تقييم سياساته تجاه غزة، والولايات المتحدة، والتحالفات الإقليمية.

من جهة أخرى، الاعتراف بالدولة الفلسطينية يعتبره الكيان انتصاراً للمقاومة، فقد أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن معارضته الشديدة لحل الدولتين في الأراضي الفلسطينية، ووصفه بأنه "انتصار للإرهاب"، وبحسب جدعون ساعر، فإن الاعتراف بالدولة الفلسطينية من جانب واحد "لن يؤدي إلا إلى الإضرار بالآفاق المستقبلية للعملية الثنائية - وسيدفع إلى اتخاذ إجراءات أحادية الجانب ردًا على ذلك".

وعليه، إن احتمال اعتراف ترامب بالدولة الفلسطينية وفرض وقف الحرب على غزة، يمثل تحولًا استراتيجيًا فارقًا يضع الكيان أمام مرآة أزمته البنيوية داخلياً وخارجياً. وستطفو الخلافات الداخلية إلى العلن بشكل أوسع بين تيارين: الأول يرى في الصفقة فرصة (استعادة أسرى، تطبيع..)، والثاني تيار قومي متطرف يراها استسلاماً.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور