الأربعاء 28 أيار , 2025 03:15

يائير غولان: عدو نتنياهو الجديد

يائير غولان يحاول إحياء اليسار

واحد من أكثر الشخصيات السياسية إثارةً للجدل داخل الكيان فمنذ انتقاله من الميدان العسكري إلى ساحة السياسة، تحول إلى خصمٍ شرسٍ لليمين الإسرائيلي، الذي يرى فيه تهديداً مباشراً لهويته وأجندته. يائير جولان، الذي انتُخب عام 2024 رئيساً لحزب العمل بنسبة 95%، ونجح لاحقاً في دمج الحزب مع ميرتس ليشكل حزب "الديمقراطيين"، الذي يمثل اليوم رأس حربة التيار اليساري المعارض لحكومة نتنياهو.

الخلفية العسكرية

وُلد يائير جولان في عام 1962 بمستوطنة "ريشون لتسيون"، لأسرة صهيونية متوسطة، وانضم للجيش الإسرائيلي عام 1980 كمجند في لواء المظليين، أحد أكثر الألوية نخبوية. شارك في حرب لبنان الأولى عام 1982، وتدرج سريعاً في الرتب، حتى أصبح من القادة المؤثرين في الجيش.

خدم جولان في مناصب حساسة شملت:

 قائد كتيبة المظليين"890"

قائد لواء "ناحال"

قائد فرقة الضفة الغربية خلال الانتفاضة الثانية

 قائد الجبهة الداخلية

 قائد المنطقة الشمالية، أحد أهم المناصب في الجيش بسبب التوتر مع حزب الله

 نائب رئيس هيئة الأركان بين 2014 و2017

يرى زملاء جولان بأنه تميز بأسلوبه الفكري المختلف، حيث كان يُعرف بأنه ضابط مفكر وليس فقط مقاتلاً، وهو ما أضاف له احتراماً لدى البعض، وعداءً لدى آخرين، خاصةً داخل اليمين.

لماذا لم يصبح رئيساً للأركان؟

بالرغم من مؤهلاته وخبراته، لم يُعيَّن جولان رئيساً لهيئة الأركان، ويعود السبب الأبرز الى خطابه الشهير عام 2016 في "ذكرى المحرقة"، حين حذر من "عمليات مروعة شهدتها أوروبا في الثلاثينيات"، قائلاً إنه يرى "بوادر مشابهة" في المجتمع الإسرائيلي. اعتُبرت كلماته مقارنة ضمنية بين النازية وبعض السلوكيات في "إسرائيل"، ما أثار غضباً عارماً داخل اليمين، واعتبرها البعض "خيانة أخلاقية" لا تليق بضابط بهذا المنصب. هذا التصريح أوقف مسيرته نحو رئاسة الأركان، رغم دعم بعض القادة العسكريين له. الا أن المؤسسة السياسية، خاصة بقيادة بنيامين نتنياهو، رفضت تعيينه، وتمّ تهميشه تدريجياً حتى تقاعده.

 من الجيش إلى السياسة

بعد تقاعده، لم يختفِ جولان كما يفعل العديد من الضباط، بل دخل السياسة من بوابة حزب ميرتس اليساري. ولاحقاً، انضم لحزب العمل، وانتُخب رئيساً له عام 2024، في محاولة لإنقاذه من الانهيار. قاد جولان عملية إعادة هيكلة واسعة، ونجح في دمج الحزب مع ميرتس لتشكيل حزب "الديمقراطيين"، وهو حزب يساري-صهيوني يؤمن بعدة مبادئ منها:

-حل الدولتين

-فصل الدين عن الدولة

 -احترام حقوق الإنسان

 -العدالة الاجتماعية

-المساواة

 عدو اليمين

اليمين الإسرائيلي، وخاصة نتنياهو وحلفاؤه، يرون في جولان خطراً وجودياً. يصفه البعض بـ "المتطرف اليساري"، وآخرون بـ "عدو الهوية اليهودية". تعرّض لحملات تحريض واسعة، خاصة بعد تصريحاته الأخيرة قبل أيام والتي قال فيها: "الدولة العاقلة لا تقتل الأطفال كهواية"، في إشارة إلى جرائم الجيش الإسرائيلي في غزة. التصريح فجّر أزمة سياسية داخل الكنيست، وطالب بعض الوزراء بمحاكمته ومنعه من دخول المعسكرات.

 رؤيته السياسية

يدعي جولان التزامه بمجموعة من الأسس والمبادئ التي يهدف الوصول اليها رفقة حزبه وهي:

إنهاء الاحتلال في الأراضي الفلسطينية

محاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب

فصل الدين عن الدولة

تعزيز الحريات والعدالة الاجتماعية

 إعادة تأهيل المنظومة السياسية الإسرائيلية

كما يرى أن بقاء نتنياهو في الحكم يعني "نهاية إسرائيل كدولة ديمقراطية"، ويحذر من تصاعد الفاشية اليمينية.

يجمع يائير جولان بين الصرامة العسكرية والرؤية السياسية، وهو ما يجعله حالة نادرة في السياسة الإسرائيلية. البعض يراه "ضمير الجيش"، وآخرون يعتبرونه خائناً. لكنه، بلا شك، أحد الأصوات القليلة التي تواجه الحكومة الإسرائيلية بشراسة في الوقت الحالي، وتطالب بإعادة تعريف "إسرائيل كدولة". وفي ظل الانقسام السياسي العميق في الكيان، قد يُصبح جولان إما زعيماً لليسار الجديد، أو ضحية أخرى لحروب الهوية التي تمزق "إسرائيل" من الداخل.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور