يُعدّ المركز اللوجستي التابع لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) من أبرز المرافق الحساسة في البنية التحتية الأمنية لدولة الاحتلال، إذ يشكّل الحلقة الحيوية التي تربط بين العمل الاستخباراتي الميداني والقدرات التكنولوجية واللوجستية المعقدة التي يعتمد عليها الجيش الإسرائيلي في إدارة المعلومات والعمليات.
يتبع هذا المركز تنظيميًا لهيئة الاستخبارات العسكرية (أمان)، ويرتبط من الناحية التشغيلية بـ مديرية التكنولوجيا واللوجستيات في هيئة أركان الجيش (ATAL)، ويعمل بتنسيق مباشر مع وحدات الاستخبارات المختلفة، لا سيما وحدة 8200 ومراكز تحليل البيانات الميدانية. كما يستفيد من دعم تقني من شركات مدنية كبرى، على رأسها Microsoft Azure التي توفّر له خدمات حوسبة سحابية وتحليل بيانات واسعة النطاق.
المهام المركزية للمرفق:
يؤدي هذا المركز جملة من المهام المتقدّمة التي تضمن استمرارية النشاط الاستخباراتي الإسرائيلي وفعاليته في الميدان، من أبرزها:
-إدارة سلسلة الإمداد الاستخباراتي (Intelligence Logistics Chain): بما يشمل تزويد الوحدات الاستخباراتية بأحدث التجهيزات الإلكترونية، ونظم المراقبة، وأجهزة الاتصالات الآمنة، ووسائط تخزين البيانات عالية السرية.
-تشغيل أنظمة تخزين ذكية وآلية بالكامل: يعتمد المركز على تقنيات روبوتية متقدمة في عمليات التخزين، والتعبئة، والفرز، باستخدام أنظمة "pick-by-light" و"light-by-voice"، ما يتيح تنفيذ مئات العمليات في الساعة بدقة شبه كاملة.
-دعم ميداني سريع وفوري: يقوم المركز بتجهيز وإرسال المعدات والأنظمة الاستخباراتية إلى الوحدات النشطة ميدانيًا عبر مركبات وطائرات بدون طيار تعمل بتوجيه ذكي، ما يضمن الإمداد الفوري والدقيق خلال العمليات.
-دمج التحليل الاستخباراتي مع البنية التحتية الرقمية: يعمل المركز كمحطة تجميع وتشغيل للأنظمة الرقمية التي تعتمد عليها وحدات التحليل في الجيش، بما في ذلك منصات مثل Torch 750 التي تقدم للمقاتلين والمخططين الاستخباراتيين معلومات مبسطة قابلة للتنفيذ في الوقت الحقيقي.
-تنسيق تقني مع خدمات سحابية متقدّمة: يعتمد المركز على خدمات حوسبة متطورة لتحليل البيانات الضخمة الواردة من الميدان، بالتعاون مع Microsoft وOpenAI، ما أدى إلى تنفيذ أكثر من 19,000 ساعة دعم تقني خلال العمليات الأخيرة في غزة، بصفقات تتجاوز قيمتها 10 ملايين دولار.
العلاقة المؤسسية والتشغيلية:
المركز لا يعمل بوصفه مرفقًا منعزلاً، بل ضمن شبكة لوجستية واستخباراتية موسعة تحت إشراف قيادة أمان. وتُشغّل منشآت هذا المركز عبر شراكة مع شركات مدنية إسرائيلية مثل Shapir للبناء وOrian للتشغيل، ضمن عقد امتياز مدته 25 عامًا. هذه الشراكة تموّل مشروعًا يضم ثلاثة مراكز لوجستية استراتيجية موزعة بين شمال ووسط وجنوب إسرائيل، وتبلغ قيمته الإجمالية نحو 5.5 مليار شيكل (حوالي 1.7 مليار دولار)، وفق تقارير صادرة عن صحيفة "كلكليست" الإسرائيلية.
الموقع والأهمية الاستراتيجية:
بعض هذه المراكز يتموضع في مناطق شديدة الحساسية، مثل منطقة غلليوت قرب تل أبيب وهرتسليا، والتي تضم أيضًا منشآت أخرى تابعة للموساد ووحدة 8200. وقد تعرّضت هذه المنشآت لاستهداف صاروخي دقيق من قبل محور المقاومة خلال التصعيدات الأخيرة، ما يؤكّد أهميتها في دعم القدرات العملياتية والاستخباراتية للاحتلال الإسرائيلي.
خلاصة:
إن المركز اللوجستي لشعبة الاستخبارات الإسرائيلية لا يوفّر مجرد إمدادات تقليدية، بل يدير بيئة تكاملية كاملة بين المعلومات، والتكنولوجيا، والتحليل، والدعم اللوجستي. استهداف هذا المركز – كما أعلن حرس الثورة الإسلامية – ليس سوى ضربة مباشرة إلى صميم المنظومة الاستخباراتية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، والبنية التحتية السحابية، والإمداد الفوري للميدان، والتي تمنح جيش الاحتلال تفوقه المعلوماتي في ساحات القتال.
هذا وأطلقت الجمهورية الإسلامية خلال العدوان الإسرائيلي الأميركي الذي استمر 12 يوماً (13 - 25 حزيران 2025)، مئات الصواريخ البالستية وفرط الصوتية والطائرات المسيّرة نحو العمق الإسرائيلي، مستهدفة -ضمن خطة دفاعية ذكية- عشرات المراكز العسكرية والحيوية والاستراتيجية، ما أجبر قادة تل أبيب على الرضوخ وطلب وقف إطلاق النار.
الكاتب: غرفة التحرير