عند الحديث عن العلاقات السورية الإيرانية، لا يمكن إلا تذكّر واحداً من أبرز وأهم رجالاتها ومهندسيها، الذي بقي دوره هذا في الظل طيلة حياته، ولم يُعرف إلا حين وفاته: اللواء محمد ناصيف خير بك، المعروف بأبو وائل. فاللواء ناصيف كان من أقرب المقربين للرئيس الراحل حافظ الأسد، ومن ثم للرئيس بشار الأسد، ولهذا تعتبره الكثير من الدول والجهات ووسائل الإعلام المعادية لسوريا بأنه الصندوق الأسود لهم.
فما هي أهم وأبرز المحطات في مسيرة وحياة اللواء ناصيف – أبو وائل؟
_من مواليد الـ 10من نيسان / أبريل للعام 1937 في مدينة حمص، لكنه من قرية اللقبة بالقرب من مصياف غرب مدينة حماه. ينتمي وعائلته الى القبيلة الكلابية التي ينتمي إليها أيضاً آل الأسد. توفي والده وهو يبلغ من العمر 4 سنوات.
_ تخرج من كلية الحقوق ومن ثمة التحق بالكلية الحربية في حمص.
_ بين عامي 1971 و1975 تولى منصب الملحق العسكري في ألمانيا الشرقية.
__كان مستشارًا مقربًا جدًا للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، منذ أن كان يحمل رتبة رائد في الاستخبارات العسكرية، لما تمتّع به من خصال فريدة: الدهاء، الثقافة والمطالعة الجيّدة، تقديم النصائح والاستشارات الصائبة.
_ تسلم أحد أهم المناصب الأمنية وهو في الثلاثينات من عمره، بتوليه رئاسة فرع الأمن الداخلي – الفرع 251 لأكثر من 20 عاماً، وتدرّج فيه حتى وصل إلى رتبة عميد.
_في مكتبه شكّلت الحكومات السورية نظرا الى إلمامه بسير الوزراء في حزب البعث.
_في التسعينيات كان الشخصية المحورية المسؤولة عن العلاقات مع إيران وحركات المقاومة في لبنان والعراق (المناهضة لصدّام حسين).
فبعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، كلّفه الرئيس حافظ الأسد بدور كبير في تهيئة أسس علاقات استراتيجية مع الجمهورية الإسلامية، فكان المهندس الأكبر لهذا التحالف الذي لم يهتز منذ 44 عاما، بكل ما حصل خلالها من محطات استثنائية ومصيرية، وكان آخرها الحرب الكونية على سوريا عام 2011.
_نسج علاقات ثقة وثيقة مع سياسيين لبنانيين وعراقيين وأكراد وإيرانيين، كما عرف عنه سعة اطلاعه على العلوم الدينية، فكان من محبّي عقد الحوارات العميقة مع رجالات الدين من الشيعة والسنة، واستطاع أن يحوز على ثقتهم مما هيئه للعب أدوار تصالحية في الثمانينات مع قيادات دينية متعاطفة مع الإخوان. كما بنى جسورا صلبة مع رجالات الدين الشيعة، لا سيما في لبنان والعراق وإيران، ويُقال بأن الإمام روح الله الخميني (رض) كان يقدره شخصيا.
ومن اللافت أن خلال تلك الفترة أيضاً، كلّفه الرئيس الأسد الأب بمسؤولية العلاقات السورية الأميركية.
وقيل بأنه كان يملي على الوزراء أو المسؤولين السوريين الذين يعملون في أمريكا أو إيران ما يجب فعله وربما قوله.
_وصفه البعض بأن الرجل الذي أوكل إليه إعداد الراحل باسل الأسد قبل وفاته عام 1994، ومن ثم الرئيس بشار لخلافة والدهم وقيادة البلاد والجيش والحزب.
_في العام 1999 تم تعيينه نائبا لمدير مديرية الأمن العام، ثم في عام 2005 أصبح معاون نائب الرئيس للشؤون الأمنية (نائب الرئيس حينها فاروق الشرع).
_في العام 2007 جمّدت الولايات المتحدة الأمريكية أصوله، بذريعة أنه مساهم في سلوك الحكومة السورية الإشكالي الذي تضمن الانتقاص من الديمقراطية اللبنانية ودعم ما يسمى بالإرهاب الدولي، والسعي لامتلاك أسلحة دمار شامل، وتقويض الجهود في العراق (أي مساعدة فصائل المقاومة العراقية).
_يذكر البعض بأنه تولى الملف اللبناني منذ العام 2007، وبخاصة العلاقة مع قوى الـ 8 من آذار، كما كان مسؤولاً عن العلاقة مع زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط (بعد عودته الى وصل العلاقة مع الدولة السورية في العام 2010، قبل أن ينقلب عيلها مجدداً بعد العام 2011).
_ في أيار / مايو 2011، فرض الاتحاد الأوروبي عليه عقوبات بذريعة استخدامه العنف ضد المتظاهرين.
_تزعم بعض الجهات بأنه في حزيران / يونيو من العام 2011، قد سافر إلى إيران للقاء قائد قوة القدس في حرس الثورة الإسلامية اللواء قاسم سليماني، لمناقشة إنشاء طريق إمداد من شأنه أن يسمح لإيران بنقل المعدات العسكرية مباشرة إلى بلاده عن طريق مجمع عسكري جديد في مطار اللاذقية.
_قال عنه الكاتب البريطاني باتريك سيل في كتابه "الأسد: الصراع على الشرق الأوسط": "كان متكتماً أكثر من الجميع إلى درجة أنه كان يعيش في مكتبه، وكان واحداً من القليلين جداً من الناس المسموح لهم بالمبادرة إلى التحدث مع الرئيس الأسد هاتفياً في أيّ وقت". كان مدمنا على العمل وقليل الكلام. نادرًا ما كان يجيب على الأسئلة ويتحدث دائمًا بأدب. لم يُعرف عنه الكثير من الأشياء، وهو ما كان يحبه تمامًا.
_ توفي بعد صراع مع مرض عضال في الـ 28 حزيران / يونيو 2015. وأقيمت مراسم تشييعه في مسقط رأسه قرية اللقبة، وحضر مراسم الجنازة وزير شؤون الرئاسة منصور عزام بالنيابة عن الرئيس بشار الأسد.
الكاتب: علي نور الدين