يحافظ الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان على نهج سلفه الشهيد السيد إبراهيم رئيسي في دعم المقاومة في المنطقة ومختلف حركات التحرر. وعلى الرغم من محاولة اللعب على مرجعية الرئيس إلا أن الثوابت في السياسة الخارجية لم تتغير، كما كان متوقعاً منذ وصوله إلى سدة الرئاسة. هذه المحاولات التي استهدفت تصريحات بزشكيان الأخيرة، يحبطها خطابه المرتقب في نيويورك، الذي أكد أنه سيرتكز على "الدفاع عن حقوق شعبنا وعن عقيدتنا... ولن نطأطئ الرؤوس".
طيلة أكثر من 43 عاماً، تعرضت إيران لمختلف أنواع الحروب، منها العسكرية والاقتصادية والإعلامية وبعضها مستمر حتى اليوم، مع تغير أشكالها ووسائلها. وكان السبب الأول دعمها للقضية الفلسطينية وفصائل المقاومة على امتداد جغرافيا المنطقة. ولأجل ذلك دفعت أثماناً باهظة، من شعبها وخيرة علمائها ومنهم النوويين، والعسكريين في كل من سوريا والعراق ولبنان. هذه الحقيقة التي يدركها العالم الغربي ومن خلفهم الولايات المتحدة، جعلت من الحرب مفتوحة على مصرعيها، مع رغبة شديدة في عدم تفويت أي فرصة لتصويب السهام، وهذا ما حصل خلال الأيام الماضية، مع تحريف تصريحات بزشكيان وإخراجها عن سياقها.
خلال مؤتمر صحفي، قال الرئيس بزشكيان أن الولايات المتحدة صنعت "منا أشخاصاً وكأننا نريد الحرب. نحن نريد السلام. كل الأنبياء هدفهم السلام". مشدداً على أنهم "يجبروننا على الدفاع عن أنفسنا بأعمالهم، والمطلوب منا أن نطأطئ رؤوسنا أمامهم لكننا لن نفعل ذلك".
وفي سياق الإجابة عن سؤال حول إمكانية لقائه بالرئيس الأميركي، أشار بزشكيان منتقداً سلوك واشنطن العدائي واستراتيجيتها طيلة سنوات، قائلاً بأنه "ينبغي أن نتأكد أن لا يمزقوا ما اتفقنا عليه بعد ذلك يمكن الحوار، لكنهم هم من أغلقوا كافة الطرق على الحوار". موضحاً " عليهم أولاً أن يثبتوا عدم عدائهم لنا. نحن لم نبدأ العداء. لم ننشئ قواعد عسكرية حولهم. نحن لم نفرض العقوبات، هم فرضوا عقوبات أنشأوا قواعد عسكرية". مضيفاً "هم يهددونا، فليتوقفوا عن ذلك ويثبتوا الأخوة، عندها قد نصبح أخوة". ويقصد في هذا السياق، حسن النوايا وليس الأخوة بمعناها التقليدي المعروف.
في حين أن زيارته إلى نيويورك للمشاركة في الدورة الـ 79 للأمم المتحدة، تفرض عليه إلقاء الحجة في خطابه أمام المجتمع الدولي من خلال تبيان النشاط العدائي المستمر من قبل واشنطن، وان طهران منفتحة على الحوار. والتشديد على أن العوائق الموجودة هي صناعة أميركية، كما أنها لن تتخلى عن سلوكها، على اعتبار انها استراتيجية طويلة الأمد لا تتخلى عنها.
من ناحية أخرى، فإن لقاءً بين الرئيس الإيراني ونظيره الأميركي غير وارد. وعلى الرغم من الحملة الدعائية التي تستهدف الترويج لهذا الأمر، إلا أن مقوماته غير متوفرة بتاتاً، نظراً للعديد من الأسباب منها المصلحة الإيرانية التي لا يخدمها لقاء من هذا النوع وفي هذ التوقيت ايضاً، كما أن اللقاء مع رئيس شارف على إنهاء ولايته غير مرغوب ايضاً من ناحية سياسية، على الرغم من ان الرؤساء الإيرانيين على اختلاف مرجعيتهم لم يكونوا يوماً "منبطحين" للقاء أي رئيس غربي او أميركي مهما كانت الظروف، بل يتعامل مع مختلف الاستحقاقات من منطلق الندية.
في حين أن وزير الخارجية عباس عراقجي، الذي رافق بزشكيان إلى نيويورك التي ستستضيفهم لمدة أسبوع، قد يستثمر المحفل الدولي للحديث مع الأطراف الدوليين حول عدد من الأمور منها المفاوضات النووية. كما أن برشكيان سيكون من الرؤساء القلائل الذين سيتحدثون عن قضايا المنطقة والعدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة ولبنان ويؤكد وقوف الجمهورية الإسلامية إلى جانب المقاومة وحركات التحرر في العالم.
الكاتب: غرفة التحرير