تُعرف فرانسشيسكا ألبانيز بكونها صوتًا قويًا ومستقلًا في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين، ملتزمة بالقانون الدولي والمواثيق الإنسانية، تعرضت لعقوبات وتشهير بسبب مواقفها الداعمة للفلسطينيين، وتمتاز بتوثيقها الدقيق ونقلها للتجارب الواقعية لفلسطينيي غزة.
منذ بدء ولايتها في مايو 2022 وحتى يوليو 2025، كرّست جهودها لتشخيص السياسات الإسرائيلية مثل "الإبادة جماعية"، ودعت دول العالم لتحمّل مسؤولياتها عبر العقوبات، قطع العلاقات، دعم التحقيقات المستقلة والمطالبة بالمساءلة ومحاكمة المسؤولين.
ولدت فرانسشيسكا ألبانيز (Francesca Albanese) في 30 مارس 1977 في مدينة أريانو إيربينو في إيطاليا، وتحمل الجنسية الإيطالية، حصلت على شهادة قانون مع مرتبة الشرف من جامعة بيزا، ثم ماجستير قانون حقوق الإنسان من جامعة SOAS في لندن.
المسيرة المهنية والوظيفة الحالية
فرانشيسكا ألبانيز هي باحثة منتسبة إلى معهد دراسة الهجرة الدولية في جامعة جورجتاون، وكبيرة المستشارين المعنية بالهجرة والتشريد القسري في مركز بحوث متخصص تابع لمنظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية، حيث شاركت في تأسيس الشبكة العالمية المعنية بالقضية الفلسطينية، وهو تحالف يضمّ محترفين وعلماء معروفين منخرطين بالقضية الإسرائيلية الفلسطينية. وقد أصدرت العديد من المنشورات عن الوضع القانوني في إسرائيل وفلسطين.
أما كتابها الأخير المعنون "اللاجئون الفلسطينيون في القانون الدولي" (مطبعة جامعة أكسفورد، 2020)، فيعرض تحليلًا قانونيًا شاملاً عن حالة اللاجئين الفلسطينيين، منذ اليوم الأوّل للاحتلال حتّى ما يشهده عصرنا الحديث. وهي تلقي المحاضرات بشكل منتظم بشأن القانون الدولي والتشريد القسري في جامعات أوروبا والمنطقة العربية، وغالبًا ما تشارك كمتحدّثة في المؤتمرات والفعاليات العامة حيث تتناول الوضع القانوني لدولة فلسطين.
وعملت مدّة عقد من الزمن كخبيرة في مجال حقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة، بما في ذلك لدى مفوضية الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى. وبصفتها هذه، قدمت المشورة إلى الأمم المتحدة والحكومات والمجتمع المدني في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا والمحيط الهادئ، بشأن تطبيق معايير حقوق الإنسان، لا سيّما بالنسبة إلى الفئات الضعيفة/ ومنها اللاجئون والمهاجرون. وهي حائزة على إجازة في الحقوق (برتبة شرف) من جامعة بيزا وماجستير في حقوق الإنسان من جامعة سواس في لندن. وتكمل حاليًا دكتوراه في القانون الدولي للاجئين في كلية الحقوق بجامعة أمستردام.
الجوائز والتكريم
- نالت جائزة Stefano Chiarini في أبريل 2023 تقديراً لعملها الصحفي حول فلسطين والشرق الأوسط.
- تم اختيارها من قبل "Passblue Person of the Year" لعام 2024 تقديراً لقيادتها الدفاع عن ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.
- وفي 12 فبراير 2025، منحت جائزة Dries van Agt من The Rights Forum تقديراً لالتزامها القوي بحقوق الإنسان في فلسطين والقانون الدولي.
أحدث مواقفها المؤيدة لفلسطين (منذ 2024 وحتى يوليو 2025)
تقرير "تشريح الإبادة" (Anatomy of a Genocide) – مارس 2024
في 26 مارس 2024، قدمت أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تقريرًا بعنوان Anatomy of a Genocide، وأكدت فيه:
"الموتى بالآلاف، والأضرار التي لا يمكن إصلاحها التي لحقت بالناجين… يمكن تفسير هذا فقط على أنه دليل أولي على نية لتدمير الفلسطينيين كجماعة".
وجّهت توصيات واضحة للدول الأعضاء بـ:
- فرض حظر على تصدير الأسلحة إلى إسرائيل.
- قطع العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية معها.
- ضمان المساءلة عن الجرائم الدولية.
- دعم التحقيقات المستقلة ودعم المحكمة الجنائية الدولية.
"نحن نشهد إبادة حية" – أبريل 2025
في مقابلة حصرية مع The New Arab (15 أبريل 2025)، شددت:
"العالم يشاهد إبادة غزة مباشرة ويفعل شيئًا؟" وأضافت "الآن نرى إبادة تُستخدم كوسيلة لتحقيق غاية. إنها تدمير شعب يرفض الرحيل".
ولاحظت أن الدعم الدولي واستمرار تورط الشركات والدول العالمية يجعلهم "متواطئين" كما في تصريحاتها:
"حتى الجمعيات الخيرية والجامعات متورطة. سلاسل التوريد، الشركات، كلهم شركاء".
دعوة لفرض العقوبات على إسرائيل – يونيو 2025، مدريد
خلال لقاءات رسمية في مدريد يونيو 2025، قالت:
- "استنكار الكارثة في فلسطين واتخاذ إجراءات ضد إسرائيل ليس قضية سياسية، بل مسألة إنسانية".
- "حان الوقت لتنفيذ توقف كامل للعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والمالية"
- "إسرائيل تكتب أحد أحلك فصول تاريخها في غزة… وأسلوب المساعدة المُقدّم من الولايات المتحدة يمثل دحضًا حقيقيًا للمساعدات الإنسانية".
وطالبت بإنزال عقوبات فورية، وقطع كافة الروابط، وفتح المعابر البحرية لإيصال المساعدات كحل لكسر الحصار المفروض.
موقفها من عقوبات الولايات المتحدة عليها – يوليو 2025
في يوليو 2025، فرضت الولايات المتحدة عقوبات عليها، بما في ذلك تجميد أصول محتملة وقيود سفر، بتهمة دعم الإرهاب ومعاداة اليهود، وهو ما رفضته رفضًا قاطعًا:
في مقابلة مع Reuters (11 يوليو)، قالت:
"أخطط للاستمرار بما أقوم به" رغم التهديدات بالعقوبات وتأثيرها على من يتواصلون معها.
ووصفت العقوبات بأنها "غير قابلة للتبرير" ومخالفة للحصانة الدبلوماسية، كما صرّحت في حفل في Bogotá:
"هذا تحذير لأي شخص يدافع عن القانون الدولي"
ونقلت عن تقريرها أن شركات مثل BlackRock وVanguard استفادت من الاقتصاد القائم على الاحتلال والإبادة.
كما دعت البلدان الأوروبية إلى التضامن:
"يجب على الاتحاد الأوروبي تعليق اتفاقية الشراكة مع إسرائيل… وهذا اللقاء سيكون علامة تاريخية تؤدي إلى نهاية الإبادة… وهدم نظام الاحتلال"
تعليقات على الإبادة والمقارنة بالفظائع السابقة
في مقابلة مع EL PAÍS (27 يونيو 2025)، قالت:
"إسرائيل ترتكب جرائم كما تتنفس. الطريقة الوحيدة لحماية الفلسطينيين، بل وحتى الإسرائيليين، هي إيقافها. إنها تهديد للسلام والأمن".
واعتبرت أنّ المجتمع الإسرائيلي مدان بامتداده السياسي: "80% من السكان يؤيدون التطهير العرقي للفلسطينيين"، ويجب أن يُعالج هذا المجتمع نفسه من داخله.
في ختام مسيرتها الحافلة، تبرز فرانسشيسكا ألبانيز كواحدة من أبرز الأصوات الحقوقية العالمية التي كرّست موقعها الأممي للدفاع الصريح والجريء عن الشعب الفلسطيني، في وجه واحدة من أكثر الانتهاكات الإنسانية في العصر الحديث. فمنذ تسلمها مهامها كمقررة خاصة للأمم المتحدة، لم تتوانَ عن تسمية الأمور بمسمياتها، ووصفت السياسات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين بأنها إبادة جماعية ممنهجة، وناشدت العالم للانتصار للقانون الدولي لا للمصالح السياسية.
وبين تقاريرها المفصّلة، ومداخلاتها الصادمة في المحافل الدولية، ومواقفها التي لم تتراجع عنها رغم التهديدات والعقوبات، أثبتت ألبانيز أن الدفاع عن فلسطين ليس مجرد موقف سياسي، بل واجب أخلاقي وقانوني عالمي. لقد شكّلت بموقفها مرآة أخلاقية للمجتمع الدولي، وذكّرت بأن صمت العالم ليس حيادًا، بل تواطؤ.
الكاتب: غرفة التحرير