الجمعة 06 كانون الاول , 2024 03:10

تحديات إسرائيل المالية: توقعات بمرحلة أسواً

بعد تخفيض وكالة موديز التصنيف الائتماني لكيان الاحتلال مرتين، خفضت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية توقعاتها للنمو فيه أيضاً، وسط مؤشرات متزايدة تنذر بقرب حدوث أزمة اقتصادية تطال بالدرجة الاولى المستوطنين الذين يعانون أساساً من التضخم، والشركات الاستثمارية والتكنولوجية من جهة أخرى، بعد أن تحولت أولويات الحكومة الاسرائيلية إلى مسار آخر، في ظل الحرب المستمرة والتي تدفع إسرائيل ثمنها باهظاً.

خفضت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية توقعاتها للنمو في إسرائيل، حيث توقعت نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.6٪ فقط في عام 2024 - وهو انخفاض حاد عن 1.9٪ المقدرة سابقا في أيار/مايو - ونمو بنسبة 2.4٪ في عام 2025، بانخفاض عن التوقعات السابقة البالغة 4.6٪. وتشير هذه الأرقام إلى نمو سلبي لنصيب الفرد في عام 2024، مع توقعات اقتصادية قاتمة وسط الضغوط التضخمية والاختلالات المالية وعدم الاستقرار الجيوسياسي.

يسلط تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الضوء على العجز المالي الحكومي المتزايد، والذي وصل إلى 7.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024 ، ارتفاعا من 6.6٪ المتوقعة في مايو. وعلى نحو مماثل، من المتوقع الآن أن يبلغ العجز لعام 2025نحو 5.7٪، وهو ما يتجاوز التزام الحكومة بسقف 4.8٪ من الناتج المحلي الإجمالي. هذه الفجوة البالغة 1٪ - أي ما يعادل حوالي 20 مليار شيكل - تثير الشكوك حول قدرة الحكومة على تحقيق أهدافها المالية.

كما تؤكد منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومقرها العاصمة الفرنسية باريس، أن توقعات المخاطر الاقتصادية لإسرائيل لا تزال "عالية جداً". موضحة  أن التوقعات السلبية تنذر بأنه يمكن أن يؤدي الصراع المطول أو المتجدد إلى زيادة الضغط على الوضع المالي للحكومة وقمع النشاط الاقتصادي. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي فقدان ثقة المستثمرين الأجانب إلى ارتفاع عائدات السندات الحكومية وانخفاض قيمة الشيكل.

قبل أيام، اجتمع مستثمرون ورجال أعمال ومصرفيون في مؤتمر غلوبس السنوي للأعمال في تل أبيب للنقاش حول آفاق اقتصاد الكيان بعد الحرب. وحذر هؤلاء ويعبترون من البارزين في قطاعات التكنولوجيا والتمويل والأعمال من أنه بدون خطة إنعاش الميزانية لإعادة بناء المجتمعات التي مزقتها الحرب والمساعدة في دفع عجلة النمو في الاقتصاد، سيقع العبء على الجمهور الإسرائيلي لسنوات قادمة.

ويأتي هذا التحذير قبل عام سيواجه فيه المستوطنون والشركات الإسرائيلية دفع المزيد من الضرائب والحصول على خدمات أقل للمساعدة في تمويل التكاليف المتضخمة للحرب، في حين من المقرر أيضاً أن ترتفع التكاليف الأخرى.

ويرى رئيس بازان، أكبر مجموعة لتكرير وبتروكيماويات في إسرائيل، موشيه كابلينسكي، أن الظروف تزداد سوءاً و"سنحتاج إلى الكثير من المال لاستعادة الجيش والاقتصاد والشركات التي تضررت خلال الحرب". مضيفاً في معرض حديثه عن الاجراءات التي اتخذتها الحكومة الاسرائيلية خلال الأشهر الماضية، ومنها التصديق على الميزانية التي اتخذت منحى أكثر تقشفاً " ما يقلقني هو أن الحكومة ليس لديها خطة متماسكة تحدد وتدير الأولويات اللازمة للحفاظ على عجز متوازن في وقت الأزمات".

قبل عام، لم تكن إسرائيل قد أعدت العدة لحرب طويلة الأمد وعلى جبهات عدة، كتلك التي واجهتها بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر، حتى أن التدابير المالية والاقتصادية التي اتخذتها، كانت غير قادة حينها على سد الفجوات التي ظهرت مع بداية الانفاق الهائل في الحرب، والذي يتضمن الانفاق العسكري وتأمين شيء من الاستقرار الغذائي أضف إلى ذلك تسوية أوضاع مئات الاف المستوطنين الذين نزحوا من المستوطنات الشمالية على الحدود اللبنانية الفلسطينية وغيرها من التكاليف خاصة تلك التي اتخذت طابعاً حذراً والمتعلقة بالشركات الاستثمارية الكبيرة والتي اختارت تعليق أو مغادرة الاراضي الفلسطينية المحتلة. كما يوصي الخبراء أن انهاء الحرب سيكون الدافع الاول لاعادة ترميم الاقتصاد، في حين أن استمرارها سيزيد الفجوة لتصبح أعمق مع حالة عدم اليقين التي تسيطر على المنطقة قبل عودة الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الابيض.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور