شهدت الحدود بين الهند وباكستان تطور خطير، حيث وقع هجوم في 22 نيسان/ أبريل أسفر عن مقتل 26 مدنياً في الشطر الهندي من كشمير. واتهمت الهند باكستان بالوقوف وراء الهجوم، غير أن الأخيرة نفت مسؤوليتها عن الهجوم.
وبادرت الهند يوم الأربعاء الماضي إلى فرض عقوبات، عبر إعلان سلسلة إجراءات رد دبلوماسية ضد إسلام آباد، شملت تعليق العمل بمعاهدة رئيسية لتقاسم المياه، وإغلاق المعبر الحدودي البري الرئيسي بين الجارتين، وخفض أعداد الدبلوماسيين.
في المقابل، أعلنت إسلام آباد عقب اجتماع نادر للجنة الأمن القومي بعد ظهر الخميس، طرد دبلوماسيين وتعليق التأشيرات للهنود، وإغلاق الحدود والمجال الجوي مع الهند ووقف التجارة معها.
ودعا مجلس الأمن الدولي البلدين إلى "ضبط النفس"، خصوصاً أنهما خاضا سابقاً 3 حروب على هذه المنطقة منذ التقسيم عام 1947. (تخضع كشمير، إحدى أخطر بؤر التوتر في العالم، لسيطرة جزئية من الهند وباكستان، لكن كلا البلدين يُطالب بالسيادة الكاملة عليها).
في هذا السياق، قال وزير الإعلام الباكستاني، عطا الله تارار، يوم أمس في بيان، إنّ "باكستان لديها معلومات استخباراتية جديرة بالثقة تفيد بأنّ الهند تنوي شنّ هجوم عسكري خلال الـ24 إلى الـ36 ساعة المقبلة، مستخدمة حادثة باهالغام كذريعة واهية"، مشدّداً على أنّ "أيّ عمل عدواني سيُقابل بردّ حاسم. الهند ستتحمّل المسؤولية الكاملة عن أيّة عواقب وخيمة في المنطقة".
في هذا الإطار اعتبرت مجلة فورين أفيرز في مقال لها بأن "الظروف اليوم ليست مواتية لتهدئة التوتر. الوضع في كشمير أكثر تقلباً من ذي قبل. سياسات الهند المتشددة في عهد مودي، وفرض الحكم المركزي المباشر على كشمير، أجّجت عزلة عميقة في المنطقة ذات الأغلبية المسلمة".
وأضافت "في قلب أزمة كشمير مزيج قابل للاشتعال من القومية الدينية والحكم الاستبدادي والمظالم السياسية التي لم تُحل. تزعم حكومة مودي أنها أعادت "الوضع الطبيعي" إلى كشمير عندما ألغت في عام 2019 الأحكام الدستورية التي سمحت للإقليم المتنازع عليه بنوع من الحكم الذاتي. أصر رئيس الوزراء وحلفاؤه على أن هذه الخطوة ستدمج بشكل أفضل الجزء الذي تديره الهند من كشمير، والمعروف آنذاك باسم ولاية جامو وكشمير، في بقية البلاد وتضمن الاستقرار والنمو الاقتصادي السريع. لكن الأيديولوجية دفعت سياسة الحكومة تجاه كشمير: لطالما أراد حزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي بزعامة مودي إلغاء الوضع الخاص الذي تتمتع به الولاية الوحيدة ذات الأغلبية المسلمة في الهند، وإخضاع كشمير لسيطرة نيودلهي بشكل أقوى، وتآكل تميز الهوية الكشميرية".
أصبحت كشمير اليوم مرة أخرى واحدة من أخطر بؤر التوتر في العالم، ويبدو أن الحل السلمي لفض الخلاف ضعيفاً، بسبب الحوافز الداخلية لكلا الجارتين لإعادة استئناف القتال. لم تعالج أيٌّ من الدولتين نزاعاتهم الجوهرية، وبقي وقف إطلاق النار بعد 3 حروب هشّاً، وبالتالي استعادة أزمة كشمير صدارتها إلى المشهد الآسيوي المضطرب.
أما عن السيناريو الأخطر، فهو أن يُثير رد عسكري هندي هجوماً مضاداُ باكستانيًا أقوى، مما يُطلق سلسلةً من ردود الفعل لا يُمكن لأيٍّ من الجانبين السيطرة عليها. ومع حالة التأهب القصوى في كلا البلدين وتصاعد المشاعر القومية، وخطر سوء التقدير والتصعيد المتبادل، قد يتفاقم هذا الوضع بسرعة ويتحول إلى بؤرة نزاع عسكري جديدة قد تؤدي إلى حربٍ شاملةٍ يُخيّم عليها خطر استخدام الأسلحة النووية واحتمال دمار كارثي في جميع أنحاء جنوب آسيا.
الكاتب: غرفة التحرير