الأربعاء 21 أيار , 2025 03:45

"القبة الذهبية": سباق التسلح الأمريكي

ترامب يعلن عن مشروع "القبة الذهبية".
يأتي مشروع "القبة الذهبية"، الذي أطلقه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كاستجابة مباشرة لتصاعد المخاطر التي تهدد الهيمنة الأمريكية، وعلى رأسها تنامي القدرات الصاروخية لدول مثل روسيا والصين، إلى جانب القلق المتزايد من قدرات إيران المتطورة. ويكشف هذا المشروع عن قلق استراتيجي أمريكي عميق من دخول العالم مرحلة جديدة من سباق التسلح، خاصة في ظل الانتقال نحو أنظمة متقدمة تستند إلى تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والفضاء. في هذا السياق، أعربت الصين عن بالغ قلقها إزاء المشروع، وطلبت من الولايات المتحدة التخلي عنه لما يحمله من "تداعيات هجومية قوية"، تؤثر على مبدأ التوازن الاستراتيجي العالمي، وتزيد من احتمالات التصعيد مع الخصوم. يمثل المشروع أيضاً رغبة أمريكية واضحة في امتلاك نظام "ردع" متعدد الطبقات، قادر على التصدي لأي هجوم صاروخي محتمل، بما في ذلك الصواريخ الباليستية المتطورة. ويبدو أن هذا النظام، الذي يُعد نسخة أكثر تطوراً من "القبة الحديدية" التي يستخدمها كيان الاحتلال، قد يشكل أيضاً أرضية لتعاون مستقبلي بين أمريكا والكيان، في إطار التحالف العسكري والاستخباري القائم. من جهة أخرى، يُوظّف ترامب هذا المشروع لتحقيق إنجاز يُحتسب له في السجلات الرئاسية، خصوصاً أنه يلقى دعماً واسعاً من شركات التصنيع العسكري الكبرى، مثل "لوكهيد مارتن" و"رايثيون"، التي ترى فيه فرصة استثمارية ضخمة تضمن لها عقوداً بمليارات الدولارات، فضلاً عن تعزيز نفوذها في القرار السياسي من خلال لوبيات السلاح القوية. ومن خلال تسويق هذا المشروع للرأي العام على أنه "درع أمريكا" الذي يحميها من تهديدات الخارج، يعزّز ترامب من شعبيته داخل القاعدة اليمينية، التي ترى في القوة العسكرية حجر الزاوية في الهوية القومية الأمريكية. كما يحمل المشروع بُعداً استراتيجياً آخر، يتمثل في ترسيخ الحضور العسكري الأمريكي في الفضاء، تحت غطاء "الدفاع الصاروخي"، ما يضع الولايات المتحدة في موقع متقدم في صراع النفوذ القادم بين القوى الكبرى، خصوصاً في الميدان الفضائي. وقد تناولت صحيفة "ذا غارديان"، في مقالٍ ترجمه موقع الخنادق الإلكتروني، تفاصيل تتعلق بتكلفة المشروع والمشرفين عليه، وهي معلومات مهمة لفهم الخلفيات الحقيقية وراء المشروع، ومدى ارتباطه بمخططات أمريكية أكبر قد تحمل طابعاً تصعيدياً في المرحلة المقبلة.

النص المترجم:

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الثلاثاء، أن إدارته ستمضي قدماً في تطوير ما يُعرف باسم نظام الدفاع الصاروخي "القبة الذهبية"، الذي يتصوّره وسيلة لحماية الولايات المتحدة من ضربات أجنبية محتملة باستخدام أسلحة أرضية أو فضائية. وأثناء ظهوره في المكتب البيضاوي وإلى جانبه وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث، قال ترامب إنه يرغب في أن يكون المشروع قيد التشغيل قبل مغادرته منصبه. كما أضاف أن الجمهوريين وافقوا على تخصيص 25 مليار دولار كتمويل أولي، وأن كندا أبدت اهتماماً بالمشاركة في المشروع. ولا يزال الشكل الذي سيبدو عليه نظام "القبة الذهبية" غير واضح ولكن من المقرّر أن تعتمد القدرات الأساسية للمشروع على الأنظمة الموجودة أصلاً، مثل نظام "ثاد". إذ لم يقرر ترامب بعد أي من الخيارات التي اقترحتها وزارة الدفاع سيعتمده. فقد أعدّ مسؤولو البنتاغون مؤخراً ثلاث مقترحات: صغيرة، ومتوسطة، وكبيرة ليقوم ترامب بدراستها. الخيار الذي سيقرره ترامب هو ما سيحدّد الجدول الزمني للمشروع وتكلفته. فالـ 25 مليار دولار المخصصة من مشروع موازنة الجمهوريين ستغطي فقط تكاليف التطوير الأولية. أما الكلفة النهائية فقد تتجاوز 540 مليار دولار على مدى العقدين المقبلين، بحسب مكتب الميزانية في الكونغرس. وقد نشأت فكرة "القبة الذهبية" من قناعة ترامب بأن على الولايات المتحدة أن تمتلك برنامجاً دفاعياً قادراً على تتبع وتدمير الصواريخ التي قد تستهدف الأراضي الأمريكية، سواء أُطلقت من الصين، أو روسيا، أو كوريا الشمالية، أو من خصوم إستراتيجيين آخرين، على غرار برنامج "القبة الحديدية" الذي تستخدمه "إسرائيل" والجنرال مايكل غايتلين من قوات الفضاء الأمريكية سيتولى الإشراف على تنفيذ المشروع. وفي الأسبوع الماضي، أصدرت وكالة الاستخبارات الدفاعية تقييماً ذكرت فيه أن الصين تمتلك نحو 400 صاروخ باليستي عابر للقارات، بينما لدى روسيا 350 صاروخاً، وتملك كوريا الشمالية عدداً محدوداً منها.


المصدر: The Guardian

الكاتب: Hugo Lowell




روزنامة المحور