الخميس 12 حزيران , 2025 03:17

إدارة النفوذ والتحكم عن بعد: عقيدة ترامب المؤقتة في غرب آسيا

ترامب والشرق الأوسط

أحدث قدوم ترامب إلى البيت الأبيض تغييراً كبيراً، يمكن إطلاق عليه تسمية انحراف في السياسات الأمريكية خاصةً الخارجية منها، بدأً من التغييرات الهيكلية في وزارة الخارجية والمبعوثين للخارج والتي طُرحت حولها العديد من علامات الاستفهام كون الشخصيات البارزة خلفياتها تجارية ولا علاقة لها بالوسط السياسي والدبلوماسي، وهو ما يشير إلى الأهداف الرئيسية لبرنامج ترامب السياسي. أضف إلى ذلك فإن النهج السياسي المعتمد في شتى الملفات يتناقض مع المخاوف التي أثيرت قبيل وصوله إلى سدة الرئاسة والتي تفيد بأن برنامجه سيكون تصادمي بالاعتماد على القوة العسكرية.

بطبيعة الحال فإن اللغة الترامبية لا تخلو من التهديد باستعمال القوة أو التفاوض تحت الضغط وبلغة الهيمنة إلا أن التحرك الأميركي يشير إلى أن التوجه لدى الإدارة تخفيض الأعمال العسكرية مقابل تمكين القدرة التفاوضية لتحقيق أرباح عالية مقابل تكاليف منخفضة.

إن انتهاج المسار الدبلوماسي كبديل عن الوسائل العسكرية يشير إلى تغير كبير في القوة والموازين خاصةً في منطقة غرب آسيا وهو يعني بلغة أوضح إعادة ترتيب للأوراق وتعديل التوازنات القائمة، وكما أشرنا أعلاه بأن لغة الضغط ستكون سائدة إلا أنه ضغط على حافة الاشتباك العسكري، ذلك لمعالجة العديد من الملفات الطارئة والتي تشكل أفخاخاً وعوائق كبيرة لمسار ترامب، وأيضاً تفادياً للحرب الواسعة التي بدأت تتشكل ملامحها مع تفاقم التوتر والتصعيد في المنطقة والعالم.

أمام هذا التغيير في الأجندة الأمريكية وما يطرأ وسيطرأ على المنطقة نتيجة تفاعلات الصراعات والأزمات، فإن العمل الأميركي اليوم ينصب على إدارة السياسة بالشكل الذي يضمن عدم تعارضها مع تحقيق الأهداف.

خواتيم التحرك

يتضح من المسار العام لتحرك الإدارة الأميركية في غرب آسيا، أن المقاربة المتبعة تجاه المنطقة كما أسلفنا، لا تقوم على أساس الحسم العسكري أو فرض الهيمنة، بل على إدارة النفوذ بالأدوات الأقل كلفة والأكثر مرونة، من خلال إعادة تموضع استراتيجي وتفعيل أدوات الحصار والضغط السياسي والاقتصادي، دون الانخراط في مواجهات واسعة.

تُشكّل هذه الاستراتيجية محاولة من ترامب لترميم توازن القوة بما يتناسب مع أولوياته، لا سيما التفرغ للملف الصيني، وضبط الاستنزاف الاقتصادي الداخلي. من هنا، تتحرك الإدارة الأمريكية وفق قاعدة "التحكم عن بعد" مستبدلةً الحضور العسكري المباشر بأشكال متدرجة من العقوبات، الضغوط، الحصار، والمساومات.

إلا أن هذا التحرك، رغم ما يتيحه من مرونة وتكلفة منخفضة، يبقى محكوماً بعدة محددات استراتيجية:

- فاعلية محور المقاومة في الرد والتأقلم مع الضغوط، وتطويره لأدوات المواجهة، ما يجعل خفض التصعيد فرصةً مؤقتة لا نهائية.

- تغير طبيعة التحالفات الإقليمية، وصعود قوى منافسة كالصين تسعى إلى ملء الفراغات التي تتركها واشنطن.

- مدى قدرة التطبيع كأداة حصار في عزل قوى المقاومة وإضعاف حركتها في المنطقة.

- نجاعة أسلوب ضرب قدرات أضلع محور المقاومة وضبط ردود الفعل المتأتية عنه.

في ضوء هذه المعطيات، يمكن اعتبار التحرك الأميركي الحالي مشروع احتواء مؤقت لإعادة ضبط المنطقة وفق الحد الأدنى من المصالح الأميركية الممكنة، من خلال اعتماد أساليب الخداع والتضليل في تهدئة الملفات إلى حين تحقيق منجزات فيها تؤمن له استقراراً يتماهى مع سياساته في غرب آسيا.

تقدم الورقة المرفقة أدناه، تقييماً وتحليلاً للحركة الأمريكية في المنطقة والعالم من منظور "القوة والموازين" من خلال معالجة العناوين التالية:

- الخداع في صلب إدارة الصراع

- التراجع العسكري الأمريكي.

- ترتيب الأوراق وتعديل التوازنات.

- الاستفادة الاقتصادية.

- الحصار الشامل لقوى المقاومة.

- خواتيم التحرك.

- المخاطر والفرص.

لتحميل الدراسة من هنا


الكاتب: محمد حمدان




روزنامة المحور