لم يكن طلب وقف إطلاق النار في 24 حزيران 2025 تعبيرًا عن رغبة في التهدئة، بل كان نتيجة مباشرة لعجز القوات الأمريكية والإسرائيلية عن التصدي الفعّال للهجمات الصاروخية الإيرانية، ونفاد جزء كبير من مخزون الصواريخ الاعتراضية. ورغم ادعاء الاحتلال اعتراض 86% من الصواريخ، إلا أن الأضرار الفعلية كانت كبيرة، ما كشف هشاشة منظومات الدفاع لدى التحالف الغربي.
يتناول هذا المقال المعمّق تطورات المواجهة العسكرية بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية من جهة، والولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي من جهة أخرى، في حزيران 2025، مركّزًا على جانب الصواريخ الاعتراضية وكلفتها، ومدى نجاعة استخدامها في التصدي للتهديدات الصاروخية الإيرانية.
نفاد المخزون الصاروخي الغربي
كشفت المعركة عن نقص حاد في صواريخ الاعتراض بمختلف أنواعهاTHAAD، باتريوت، Aegis، ARROW، القبة الحديدية، ومقلاع داوود. وأكدت الصحف الأميركية أن الولايات المتحدة لم تعد تمتلك سوى 25% من مخزون الباتريوت المطلوب. اضطر الجيش الأميركي لطلب رفع الإنتاج وتخصيص ميزانيات عاجلة. حتى البحرية الأميركية حذّرت من أنّ استخدام الصواريخ عالية التكلفة بوتيرة عالية غير مستدام، ما قد يؤدي إلى استنزاف المخزون في حال اندلاع حرب مع الصين.
فعالية الصواريخ الإيرانية
أظهرت إيران قدرات صاروخية متقدمة، سواء من حيث المدى، السرعة، أو قدرة المناورة. أطلقت أكثر من 590 صاروخًا في 12 يومًا، بينها طرازات متطورة مثل "فتاح-1"، "خيبر شكن"، و"سجيل". بعض هذه الصواريخ تجاوزت سرعة 13 ماخ، وتمتلك رؤوسًا متعددة، ما أدى إلى فشل عدة محاولات اعتراض، كما حصل ضد صاروخ استهدف مطار بن غوريون أو في مواجهة الصواريخ اليمنية.
الكلفة الاقتصادية الباهظة
تؤكد الأرقام أنّ تكلفة الصواريخ الاعتراضية تفوق بكثير تكلفة الصواريخ الهجومية. فمثلًا، صاروخ THAAD قد تصل تكلفته إلى 25 مليون دولار، وصاروخ PAC-3 إلى 7 ملايين دولار، بينما بعض المسيّرات أو الصواريخ الإيرانية تكلف آلاف الدولارات فقط. كلفة الضربات الإيرانية قُدّرت بـ 6.6 مليار دولار، فيما وصلت كلفة التصدي الأميركي-الإسرائيلي إلى 1.5 مليار دولار. هذا التفاوت أعاد طرح تساؤلات حول الجدوى الاقتصادية لتلك المنظومات.
حتى في حال وجود ميزانيات، فإن شركات مثل Lockheed Martin غير قادرة على تلبية الطلب بسرعة. عملية تصنيع صاروخ THAAD تستغرق نحو 3 سنوات، بينما قد ينتظر الزبائن الخارجيون أكثر من 5 سنوات. ازدادت الطلبات العالمية، لكن الإنتاج لا يزال محدودًا.
التحديات التقنية أمام منظومات الاعتراض
واجهت أنظمة الدفاع الصاروخي تحديات كبرى أمام الصواريخ الإيرانية الحديثة، مثل التخفي، سرعة تفوق الصوت، المناورة العالية، والهجمات المنسّقة باستخدام مسيرات وصواريخ كروز. كما تؤثر العوامل البيئية والتشويش الإلكتروني في كفاءة أنظمة الاعتراض. كذلك تُظهر النماذج الاعتراضية الغربية ضعفًا أمام الهجمات المركّبة والاختراق السيبراني.
أمام واقع الاستنزاف الكبير، عمدت الولايات المتحدة إلى استخدام الطائرات بدل الصواريخ في بعض مهام الدفاع الجوي، كما اتجهت لحل سياسي. فبعد تحييد جبهة اليمن في أيار، طلبت واشنطن وقف إطلاق النار مع طهران في حزيران، إدراكًا منها أن الاستمرار في الحرب يعني استنزافًا طويل الأمد لقدراتها العسكرية، خاصة أن الكيان الإسرائيلي لم يكن قادرًا على حماية نفسه من دون دعم أميركي مباشر.
لتحميل الدراسة من هنا