كان العام 2009 هو تاريخ دخول اليمن كجبهة من الدرجة الأولى في حملة مكافحة الإرهاب الأمريكية بشكل رسمي. وذلك عندما زودت القاعدة عمر فاروق عبد المطلب بعبوة ناسفة مصممة ببراعة مخبأة في ملابسه الداخلية في محاولة لإسقاط طائرة ركاب في طريقها إلى ديترويت بولاية ميشيغان. تعطل الجهاز وتم تفادي الانفجار، لكن الحكومة الأمريكية انطلقت إلى العمل، وشنت حملة عسكرية ضد القاعدة في شبه الجزيرة العربية في اليمن مستمرة حتى يومنا هذا.
تقلبت سياسات مكافحة الارهاب بين الضربات الجوية في عهد علي عبد الله صالح، وبعد الاطاحة به عام 2012 كان عبد ربه منصور هادي أكثر مرونة، فأغرقت الولايات المتحدة الحكومة اليمنية بالأسلحة ودربت قوات الكومندوز التابعة لها، ثم تم دمج قوات العمليات الخاصة الأمريكية مع مجموعة من القوات اليمنية ومكنت عملياتها من طرد القوات اليمنية للقاعدة في شبه الجزيرة العربية من معاقلها في جنوب ووسط اليمن.
وبعد عملية عاصفة الحزم السعودية الإماراتية على اليمن، يمكن إعطاء توصيف للوجود العسكري الأمريكي في اليمن الى وجود غير مباشر يختبئ خلف القوات الإماراتية او المليشيات المدعومة منها بشكل أساسي، وبنسبة أقل خلف القوات السعودية، ولكن لا تقتصر هذه الاستفادة غير المباشرة من النفوذ الاماراتي على البر اليمني، ولكن يتعداه الى كامل الانتشار الاماراتي في موانئ أريتريا، أرض الصومال، جزيرة ميون، وأرخبيل سقطرى، ومؤخرا السودان، إضافة الى تمويلها لقاعدة برنيس البحرية المصرية على البحر الأحمر مع إمكانية الاستفادة منها، مع التأكيد على الشراكة الإماراتية مع الكيان المؤقت، والسماح له بإنشاء مراصد استخبارية لجمع المعلومات في أغلب قواعدها على هذه الجزر، وعلى رأسها جزر سقطرى وعبد الكوري وحديبو.
إلى ذلك، تتبين مهمة القوات في التدريب والتأهيل لعناصر خفر السواحل، وحرس الحدود، والافراد العاملين في المنافذ الرسمية سواء البحرية أو الجوية، على عمليات التفتيش والمراقبة، إضافة الى روابط متميزة مع ما يسمى قوات مكافحة الإرهاب اليمنية، من خلال التدريب وإدارة وتحديد مهام هذه القوات، وربطها بشبكة امنية إقليمية.
لكن التحوّل اليوم، حيث تمكن الصمود اليمني طوال فترة ثماني سنوات من تفكيك التحالف العسكري الدولي والاقليمي، الذي شن الحرب على اليمن، والذي كانت إحدى نتائجه غير المباشرة هو توقيع الاتفاق الإيراني – السعودي برعاية صينية، تبعها استدعاء أعضاء مجلس القيادة الرئاسي ورئيس حكومة المرتزقة، وحاكم مصرف عدن المركزي الى الرياض، لإبلاغهم بترتيبات بعد الاتفاق السعودي الإيراني بخروج الرياض من المعركة وتمديد الهدنة مع صنعاء ورقع الحصار عن الموانئ والمطارات، ورعاية مشاورات يمنية – يمنية بالتعاون مع الأمم المتحدة. يضع هذا الامر الولايات المتحدة في مأزق، إذ أن الوكيل الإقليمي السعودي - والذي أدار بالتعاون مع الامارات مليشيات المرتزقة على الأرض – يعيد هذه الإدارة الى الأصيل الأمريكي، والكيان الصهيوني المؤقت، ووضعهم وجها لوجه مع قوات صنعاء ومحور المقاومة، حيث يعد اليمن أحد مفاخره وأحد القوى التي لها دور رئيسي لا يمكن الاستغناء عنه في تحرير المنطقة من الوجود الاستعماري الغربي والمساهمة في تحرير فلسطين من الكيان الصهيوني المؤقت. لذا سيكون التحدي الرئيسي القادم بالنسبة لليمن هو الوجود العسكري الأمريكي، ووسائل إخراجه من البلاد، والمواجهة مع هذا الاحتلال الأمريكي قادمة لا محالة، وعلى الولايات المتحدة أن تحزم أمرها بمغادرة البر اليمني وجزره قبل دخولها فيما لا قبل لها به، وفي دروس أفغانستان والعراق عبرة لأولي الألباب.
المزيد من التفاصيل حول دور القواعد العسكرية الأمريكية في إدارة العمليات في اليمن والجوار، وعن مشروع صنعاء التحرري في هذه الدراسة لمركز دراسات غرب آسيا.
المصدر: مركز دراسات غرب آسيا
الكاتب: غرفة التحرير