تقع منصة الغاز الإسرائيلية قبالة سواحل قطاع غزة، والمعروفة بحقل "تمر" أو ما يُعرف إعلاميًا بـ"منصة غزة البحرية"، ضمن امتيازات كيان الاحتلال شرق البحر المتوسط، وتُعد من المنشآت الحيوية في البنية التحتية للطاقة في "إسرائيل". يبعد الحقل قرابة 30 كم عن شواطئ غزة، وتخضع المنصة لحماية بحرية مشددة عبر القطع البحرية الإسرائيلية وأنظمة دفاع جوي عائمة.
أهميته
يُشكّل هذا الحقل أحد أعمدة الأمن الطاقوي الإسرائيلي، حيث يُغذّي جزءًا مهمًا من محطات توليد الكهرباء، ويمد مصانع استراتيجية بالغاز الطبيعي. كما يُعد نقطة ارتكاز في شبكة تصدير الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا ومصر. وبحسب خبراء طاقة، فإن خسارة الحقل – ولو مؤقتًا – تعني اهتزازًا في قدرة الاحتلال على ضبط استقراره الطاقوي.
الاستهداف، في هذا السياق، ليس مجرد ضربة لمنشأة بنيوية، بل يمثل اختراقًا لمفهوم "أمن الطاقة" الإسرائيلي، الذي يُعتبر امتدادًا لأمنه القومي.
الوظيفة
المنصة تؤدي جملة من الوظائف الحيوية، منها:
-إنتاج وتخزين الغاز الطبيعي للاستخدام المحلي والتصدير.
-تغذية شبكات الكهرباء جنوب "إسرائيل"، بما في ذلك محطات عسقلان والسواحل الوسطى.
-خدمة صناعات حساسة تعتمد على استمرارية إمدادات الغاز.
-حماية بحرية مرتبطة بسلاح البحرية ومنظومة الاستخبارات البحرية، وتُعتبر جزءًا من مجالات الرصد البحري والاستخبارات الساحلية.
الأجهزة والمنشآت
تشير معلومات ميدانية إلى احتواء الحقل والمنصة على:
-أنظمة تحكم أوتوماتيكية بإنتاج وتخزين الغاز.
-أجهزة اتصال وربط مباشر مع مراكز القيادة في حيفا وعسقلان.
-منصات دفاع جوي مدمجة (مثل منظومة باراك البحرية).
-كاميرات ومجسّات رادارية بحرية وأرضية لمراقبة المجال المحيط.
وقد لوحظ وجود وحدات حماية بحرية إسرائيلية دائمة حول المنصة، الأمر الذي جعل استهدافها يمثل نجاحًا استخباراتيًا وعسكريًا نوعيًا.
الحجم والمساحة
المنصة نفسها تحتل مساحة عائمة تُقدّر ببضع مئات من الأمتار، لكنها جزء من شبكة أنابيب ممتدة بطول عشرات الكيلومترات تحت البحر. تأثير الاستهداف قد يمتد إلى نقاط الربط البرية وخطوط التوزيع التي تصل إلى عسقلان.
الاستهداف وتاريخه وتأثيره
نفّذ حرس الثورة الإسلامية في الموجة الثامنة من عملية الوعد الصادق 3) هجومًا صاروخيًا على منصة الغاز، باستخدام طائرة مسيّرة من طراز شاهد-238 الانتحارية، بعد عملية استطلاع بحري مسبقة. وقد أكدت التوثيقات من غزة إصابة مباشرة للمنصة، مع تصاعد ألسنة اللهب مؤقتًا، قبل تدخل وحدات الإطفاء البحرية الإسرائيلية.
الضربة جاءت ضمن خطة هجومية إيرانية تعتمد استهداف المراكز الحيوية الإسرائيلية، لا سيما تلك المحمية بطبقات عسكرية، والتي يصعب الوصول إليها.
التأثير والدمار
رغم الصمت الرسمي الإسرائيلي، تحدثت وسائل إعلام عبريّة عن انخفاض مؤقت في ضغط الغاز المزوَّد لبعض المحطات. كما أشارت تسريبات إلى تعليق تصدير الغاز إلى مصر لساعات، ما خلّف تداعيات اقتصادية وسياسية إقليمية. وذكرت تقارير ميدانية أن سلاح البحرية استدعى تعزيزات بعد الضربة، وسط مخاوف من ضربات متكررة تستهدف المنصات البحرية الأخرى مثل "ليفياثان" أو "كاريش".
القيمة الاستراتيجية
تكمن أهمية هذه الضربة في أنها:
- استهدفت منشأة بالغة التحصين على بُعد كبير عن البر.
- اخترقت منظومات دفاع إسرائيلية بحرية مدعومة من سلاح البحرية الأميركي.
- وجهت رسالة ردعية تقول: "لا أمن طاقوي في ظل العدوان".
- تلامس أحد أهم خطوط العصب الاقتصادي الإسرائيلي، وهو التصدير إلى أوروبا عبر الغاز.
كلفة الخسائر المحتملة
لم تُقدّم تل أبيب أرقامًا رسمية، لكن التقديرات تشير إلى:
- خسائر مباشرة في إنتاج الغاز بقيمة عدة ملايين من الدولارات يوميًا.
- تراجع ثقة المستثمرين في قطاع الطاقة الإسرائيلي.
- أضرار سياسية في علاقات التصدير مع الشركاء الإقليميين، وخاصة القاهرة.
الترميم والوقت
تُقدّر إعادة تأهيل الأضرار، في حال كانت هيكلية، بفترة تتراوح بين أسبوع إلى 3 أسابيع، تبعًا لنوعية الضرر، مع تعطيل محتمل جزئي للمنصة، يُخشى أن يتكرّر في ضربات لاحقة، ما يعني تكلفة استباقية في نشر حماية أكبر.
تصريحات المسؤولين
-الجانب الإيراني: أعلن حرس الثورة الاسلامية أن الضربة استهدفت "منشأة بحرية حساسة يستخدمها العدو في عدوانه"، مشيرًا إلى أن الأهداف أُصيبت بدقة، و"الرسالة وصلت"، في إطار الرد على جرائم الاحتلال في غزة.
-الجانب الإسرائيلي: لم يصدر نفي أو تأكيد رسمي، فيما اكتفى الإعلام العبري بالحديث عن "نشاط جوي غير اعتيادي قبالة عسقلان"، ما فُهم أنه محاولة لاحتواء الصدمة وتأجيل الاعتراف بالخسائر.
خاتمة
إن استهداف منصة الغاز قبالة غزة لم يكن مجرد هجوم تكتيكي، بل ضربة دقيقة في عمق شريان الطاقة الإسرائيلي، تضع مستقبل أمن الطاقة الإسرائيلي على المحك. وقد مثّلت هذه العملية جزءًا من الردع الإيراني المحسوب، وتأكيدًا على أن الجغرافيا البحرية لم تعد حصنًا آمنًا في أي مواجهة مقبلة.
هذا وأطلقت الجمهورية الإسلامية خلال العدوان الإسرائيلي الأميركي الذي استمر 12 يوماً (13 - 25 حزيران 2025)، ضمن رؤية استراتيجية وخطة موضوعة مسبقاً، مئات الصواريخ البالستية وفرط الصوتية والطائرات المسيّرة نحو العمق الإسرائيلي، مستهدفة عشرات المراكز العسكرية والحيوية والاستراتيجية، ما أجبر قادة تل أبيب على الرضوخ وطلب وقف إطلاق النار.
الكاتب: غرفة التحرير