الأربعاء 16 نيسان , 2025 03:15

"إسرائيل" خادمة المصالح الغربية وأحزاب اليمين المتطرف في أوروبا

ورقة علمية: ”إسرائيل“ وأحزاب اليمين الشعبوي (المتطرف) في أوروبا

منذ الإعلان عن قيام "إسرائيل" في سنة 1948، اتَّسمت علاقاﺗﻬا ﺑﺎلحركات اليمينية المتطرفة الأوروبية ﺑﺎلعداء المعلن، وتعزّز ذلك ﺑﺄن "الدولة الصهيونية" اعتادت طوال عقود ﺗﺎلية للحرب العالمية الثانية أن تستثمر الموقف النازي (اليميني المتطرف) تجاه الجماعات اليهودية في أن تحقق لنفسها مكاسب مادية ومعنوية، تمثلت في التعويضات المالية التي حصلت عليها من الدول الأوروبية ﺑﺎسم الجماعات اليهودية؛ وفي ترسيخ مفهوم "العداء للسامية" (أي معاداة اليهود) كأحد المحرمات في الثقافة السياسية الأوروبية الغربية؛ وفي تحويل المحرقة اليهودية في العهد النازي (الهولوكوست (Holocaust إلى ما يشبه العقيدة الدينية الغربية التي لا يجوز إنكارها، أو مجرد التشكيك فيها .

في هذا السياق، استخدمت هذه الورقة العلمية التي نشرها مركز الزيتونة للأستاذ محمود عبده سالم، تحت عنوان "إسرائيل" وأحزاب اليمين الشعبوي (المتطرف) في أوروبا، مقاربة الدولة الوظيفية، الذي يقوم على مفهوم "الدولة الوظيفية" الذي طوّره عبد الوهاب المسيري في مشروعه البحثي لتفسير ظاهرة الصهيونية والدولة التي أنشأتها في فلسطين. وهو يذهب إلى أن "إسرائيل" تقوم بدور الدولة التي رعى الغرب الاستعماري إنشاءها، لتكون قاعدة للاستعمار الغربي في فلسطين، ولتقوم بدور وظيفي في خدمة المصالح الغربية، يقوم، أساساً، على الاستيطان والقتال، ويُستخدم في ضرب مشاريع النهوض العربية. وانطلاقاً من هذا فإن "الدولة الصهيونية" لا تخضع للقوانين السياسية التي تخضع لها الدول الطبيعية، بل تخضع لقوانين الجماعات الوظيفية، فسياسات "إسرائيل" الأمنية، ونمط إنفاقها، وطريقة تمويلها، وبنيتها الطبقية، وأساليبها الإدارية، لا يمكن فهمها على نحو صحيح إلا في إطار دورها الوظيفي. وهو ما ينطبق كذلك على سياستها الخارجية، وعلى علاقاتها الخارجية بغيرها من الدول والفواعل الدوليين.

في ضوء هذا المفهوم الوظيفي يمكن تفسير المسلك الإسرائيلي تجاه الأحزاب اليمينية الشعبوية الأوروبية، التي تصعد في الساحة السياسية الأوروبية منذ العقد الماضي، وتحقّق انتصارات غير مسبوقة في الانتخابات التشريعية والمحلية في الدول الأوروبية، وفي انتخابات الاتحاد الأوروبي، وتجد لها ظهيراً مسانداً في الولايات المتحدة الأمريكية، الحليف التقليدي لأوروبا. كما يمكن تفسير مسلك تلك الأحزاب بدورها تجاه الدولة الصهيونية، كدولة وظيفية تخدم المصالح الأوروبية، خصوصاً في مواجهة "التهديد الإسلامي"، الذي تندد به تلك الأحزاب.

كما تناولت الدراسة عوامل تحالف اليمين الصهيوني مع اليمين الشعبوي الأوروبي، فمنها ما يتعلق بالبنية الفكرية للصهيونية واليمين الراديكالي، ومنها ما يتعلق بالتقاء المصالح بين الطرفين، ومنها ما يتعلق بالظروف السياسية الراهنة التي أوجدت المناخ الملائم للتقارب بينهما.

وختمت الدراسة بأنَّه على الرغم من الموقف التاريخي لأقصى اليمين الأوروبي القائم على معاداة اليهود، والتشكيك في الروايات الصهيونية حول المحرقة النازية (الهولوكوست)، فقد كان التوافق بين أقصى اليمين الأوروبي وأقصى اليمين الإسرائيلي متوقعاً في نهاية المطاف، لوجود أصول فكرية مشتركة بينهم، قائمة على التعصب القومي والديني، كما أن بينهما أهدافاً مشتركة. وأضافت أنّ قيام "إسرائيل" جاء في أحد جوانبه تحقيقاً لهدف اليمين الأوروبي المتطرف الكلاسيكي المتمثل في تخليص أوروبا من اليهود، وإيجاد موطن لهم بعيداً عن القارة. وقد نجحت الدولة الصهيونية في العقود القليلة الماضية في الاتفاق مع أقصى اليمين الأوروبي الجديد على عدو مشترك، هو "الإسلام" متمثلاً في "الهجرة الإسلامية"، و"النشاط الإسلامي"، والمقاومة ذات الصبغة الإسلامية التي تناضل الاحتلال الصهيوني وحلفاءه الغربيين. وجاء صعود الشعبوية في الولايات المتحدة، وتشجيعها التيار اليميني الشعبوي في أوروبا، ليوفر المناخ الأمثل لإعلان التحالف بين الطرفين.

وتوقّعت الدراسة أن يستمر هذا التحالف بينهما، لتوفر مقومات استمراره، من التقارب الأيديولوجي العميق بينهما، وتوافقهما في المصالح، والصعود الشعبوي في أنحاء العالم، ومباركة الحليف الأمريكي.

لتحميل الدراسة من هنا


الكاتب: أ. محمود سالم




روزنامة المحور