الثلاثاء 29 نيسان , 2025 03:42

الإمارات ترتكب إبادة جماعية: الدعوى السودانية أمام محكمة العدل الدولية

أعلام السودان والإمارات وعناصر مسلحة

شهدت العلاقات بين السودان والإمارات العربية المتحدة تصعيدًا حادًا في مارس 2025، عندما رفع السودان دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية، متهمًا الإمارات بالتواطؤ في جرائم إبادة جماعية ضد قبيلة المساليت في إقليم دارفور. فمنذ اندلاع النزاع المسلح في السودان في أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، تصاعدت الاتهامات حول دعم خارجي للأطراف المتنازعة. اتهمت الحكومة السودانية الإمارات بتقديم دعم مالي وعسكري وسياسي لقوات الدعم السريع، مما مكنها من تنفيذ هجمات ممنهجة ضد قبيلة المساليت في غرب دارفور، شملت القتل الجماعي، الاغتصاب، التهجير القسري، وتدمير الممتلكات...

تفاصيل الدعوى

في 6 مارس 2025، قدم السودان شكوى رسمية إلى محكمة العدل الدولية، مستندًا إلى المادة التاسعة من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، التي تُعد كل من السودان والإمارات طرفين فيها. طالب السودان المحكمة باتخاذ تدابير مؤقتة لإلزام الإمارات بوقف دعمها لقوات الدعم السريع، ومنع ارتكاب المزيد من الجرائم ضد المدنيين. بالمقابل، نفت الإمارات بشكل قاطع الاتهامات الموجهة إليها، ووصفت الدعوى بأنها "حيلة دعائية خبيثة" تهدف إلى صرف الانتباه عن الأوضاع الداخلية في السودان. وأشارت إلى أنها ستسعى إلى رفض الدعوى أمام المحكمة، معتبرة أن الاتهامات تفتقر إلى أي أساس قانوني أو واقعي.

التحديات القانونية

تواجه الدعوى تحديات قانونية، أبرزها تحفّظ الإمارات عند انضمامها إلى اتفاقية منع الإبادة الجماعية، والذي قد يؤثر على اختصاص المحكمة في النظر في القضية. ومع ذلك، يرى السودان أن هذا التحفظ يتعارض مع الهدف الأساسي للاتفاقية، وهو منع الإبادة الجماعية ومعاقبة مرتكبيها.

في البداية، أعلنت محكمة العدل الدولية أنها ستنظر في طلب السودان في 10 أبريل 2025. ورغم أن القضايا أمام المحكمة قد تستغرق سنوات للوصول إلى حكم نهائي، فإن اتخاذ تدابير مؤقتة يمكن أن يحدث في وقت أقصر، بهدف منع تصعيد النزاع وحماية المدنيين.

 وفعلا، عقدت محكمة العدل الدولية جلسات استماع علنية في أبريل 2025 للنظر في طلب السودان باتخاذ تدابير مؤقتة. وخلال الجلسات، قدم كل من السودان والإمارات دفوعاتهما، ومن المتوقع أن تصدر المحكمة قرارها بشأن التدابير المؤقتة في جلسة علنية لاحقة. تجدر الإشارة إلى أن القضايا المنظورة أمام محكمة العدل الدولية قد تستغرق سنوات للوصول إلى نتيجة نهائية، لكن يمكن للدول طلب إصدار تدابير طارئة تهدف إلى التأكد من عدم تصعيد النزاع بين الدول بالتزامن مع نظر القضية.

تأتي هذه الدعوى في سياق توترات إقليمية متزايدة، حيث تتهم السودان الإمارات بالتدخل في شؤونها الداخلية ودعم قوات الدعم السريع. وفي يناير 2025، اعتبرت الولايات المتحدة الهجمات التي شنتها قوات الدعم السريع وميليشيات متحالفة معها ضد قبيلة المساليت في غرب دارفور بمثابة إبادة جماعية. كما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على طرفي النزاع في السودان، متهمةً الجيش السوداني بمهاجمة مدنيين وقوات الدعم السريع بارتكاب إبادة جماعية في إقليم دارفور.

بعد جلسة محكمة العدل الدولية في 10 أبريل 2025، دخلت المواجهة القانونية بين السودان والإمارات مرحلة حاسمة، حيث بدأت المحكمة مداولاتها حول طلب السودان إصدار تدابير مؤقتة ضد الإمارات، متهمةً إياها بانتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية من خلال دعمها المزعوم لقوات الدعم السريع المتورطة في انتهاكات ضد قبيلة المساليت في دارفور.​

مسار المواجهة القانونية بعد جلسة 10 أبريل 2025

مرافعات الطرفين

خلال الجلسة، قدم السودان أدلة ودفوعات تؤكد تورط الإمارات في دعم قوات الدعم السريع، مطالبًا المحكمة بإصدار تدابير مؤقتة تلزم الإمارات بوقف أي دعم قد يسهم في ارتكاب جرائم إبادة جماعية، وتقديم تقارير دورية عن الإجراءات المتخذة لتنفيذ هذه التدابير.

من جانبها، نفت الإمارات هذه الاتهامات، ووصفتها بأنها "ادعاءات لا أساس لها من الصحة وتفتقر إلى أي دليل موثوق"، مطالبةً المحكمة برفض الدعوى وشطبها من السجل.

بدء المداولات

أعلنت المحكمة عقب الجلسة عن بدء مداولاتها في القضية، مشيرةً إلى أنها ستعلن موعد الجلسة العلنية التي سيصدر فيها القرار في الوقت المناسب.

التوقعات المستقبلية

من المتوقع أن تصدر المحكمة قرارها بشأن التدابير المؤقتة في جلسة علنية قادمة. وفي حال قبول المحكمة لطلب السودان، فإن ذلك قد يؤدي إلى زيادة الضغوط الدولية على الإمارات، وربما فتح الباب أمام تحقيقات أوسع في دورها المزعوم في النزاع السوداني.​

أما إذا رفضت المحكمة الطلب، فقد يُعتبر ذلك نصرًا دبلوماسيًا للإمارات، لكنه لا يغلق الباب أمام استمرار القضية، حيث ستستمر المحكمة في نظر الدعوى الأساسية، والتي قد تستغرق سنوات للوصول إلى حكم نهائي.​

تعكس هذه الدعوى تصعيدًا غير مسبوق في العلاقات بين السودان والإمارات، وتسلط الضوء على تعقيدات النزاع في دارفور وتداخلاته الإقليمية. بينما يسعى السودان إلى تحميل الإمارات مسؤولية دعم قوات الدعم السريع، تصر الإمارات على نفي أي تورط لها. يبقى أن نرى كيف ستتعامل محكمة العدل الدولية مع هذه القضية المعقدة، وما إذا كانت ستتمكن من إصدار تدابير فعالة لحماية المدنيين في دارفور.

تمثل جلسة 10 أبريل 2025 نقطة تحول في المواجهة القانونية بين السودان والإمارات، حيث بدأت المحكمة مداولاتها في القضية. ويُنتظر أن يصدر قرار المحكمة بشأن التدابير المؤقتة في جلسة قادمة، مما سيحدد المسار المستقبلي لهذه القضية ذات الأبعاد الإقليمية والدولية





روزنامة المحور