الخميس 30 كانون الثاني , 2025 02:26

هآرتس: خطة قطر في غزة ستسحق أحلام سموتريتش بالحرب والتهجير

رئيس الوزراء القطري محمد آل ثاني ووزير المالية الإسرائيلي سموترتش

طرح وزير المالية الإسرائيلي المتطرّف بتسلئيل سموتريتش خطة مستقبلية لقطاع غزة منذ عدة أيام، تقوم على احتلال غزة ومنع حماس من الاستفادة من المساعدات الإنسانية، وبحسب تقرير لصحيفة هآرتس، ترجمه موقع الخنادق، "يعتقد المسؤولون الإسرائيليون أن قطر تسعى إلى ترسيخ موطئ قدم في الشرق الأوسط من خلال علاقاتها مع ترامب، بهدف جعل غزة موقعاً متقدماً على البحر الأبيض المتوسط. ويسلط دورها في محادثات الرهائن الضوء على رؤية استراتيجية، تتناقض مع خيالات سموتريتش اليمينية المتطرفة الإقليمية".

النص المترجم للمقال

إن الفجوة بين رؤية وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش لقطاع غزة والواقع على الأرض مذهلة. ومع تطور الأحداث أمام أعيننا، يبدو أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إما يدير عملية احتيال معقدة تستهدف الولايات المتحدة وقطر ومصر والإمارات العربية المتحدة، أو أن سموتريتش على وشك أن يعاني من إذلال سياسي ذي أبعاد تاريخية.

وفي حديثه في اجتماع فصائلي عقد يوم الاثنين، وصف سموتريتش خطة ضخمة لقطاع غزة تبدو منفصلة تماماً عن الأحداث الجارية. وقال: "الآن يتعين علينا تعيين رئيس هجومي لجيش الدفاع الإسرائيلي ينفذ بشكل كامل، دون تردد أو مماطلة، المهمة الواضحة التي كلفته بها القيادة السياسية: احتلال غزة ومنع حماس من الاستفادة من المساعدات الإنسانية، من أجل إلحاق الهزيمة بحماس والفوز بالحرب".

وأضاف سموتريتش أنه يعمل مع نتنياهو ومجلس الوزراء الأمني ​​لإعداد خطة عمل لضمان أن تصبح "رؤية الرئيس ترامب" للمنطقة حقيقة واقعة. ورفض سموتريتش معارضة مصر والأردن، مستشهدا بقدرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على "دفع أجندته مع كولومبيا على الرغم من اعتراضاتها على ترحيل المهاجرين".

لو لم يكن سموتريتش وحزبه مكونين أساسيين في ائتلاف نتنياهو، الذي يفتقر إلى الأغلبية بدونهما، لربما تم رفض تصريحاته باعتبارها هزلية. ولكن من المؤسف أنها تمثل واقعاً مأساوياً.

كان صوت نتنياهو في السياسة غائباً بشكل ملحوظ يوم الاثنين. فقد أمضى اليوم في المحكمة، بينما استهلكت أمراضه بقية وقته. ويكافح رئيس الوزراء، الذي لا يزال ضعيفاً بعد الجراحة التي خضع لها في ديسمبر/كانون الأول، للتعافي.

يصف زوار مكتبه رجلاً منهكاً يغير مواقفه باستمرار، عاجزاً عن الحصول على الراحة المناسبة التي تتطلبها حالته. ويركز القليل من الطاقة التي يحشدها على القضايا الأكثر إلحاحاً، مما لا يترك له أي قدرة على تخفيف حدة المحادثات مع وزير المالية الحريص على الانسحاب من الائتلاف.

كان انفصال سموتريتش عن الواقع واضحاً بشكل خاص في قضية الرهينة أربيل يهود. تولت قطر إدارة الموقف، حيث أكد رئيس الوزراء محمد آل ثاني سلطته في مقابلة مع القناة 12 الإسرائيلية يوم الاثنين.

ولم يقل آل ثاني الكثير؛ كانت المقابلة نفسها هي الرسالة. وفي حين لا تزال طبيعة النفوذ القطري على حماس غير واضحة، فإن نفوذها لا يمكن إنكاره. ففي واشنطن، نمت مكانة قطر بشكل كبير. فهي "لوبي يهودي" جديد يتمتع بعلاقات جيدة وراسخة بعمق.

ولقد طمأنت قطر جميع الأطراف باستمرار بأن كل شيء تحت السيطرة. ولم تكن هناك حاجة لإشراك الولايات المتحدة، بل إن قطر بادرت إلى ترتيب إطلاق سراح عدد إضافي من الرهائن يتجاوز الاتفاق الأصلي.

بالنسبة لنتنياهو، يمكن تصوير هذا باعتباره نجاحاً سياسياً. وبالنسبة لحماس، فهو نجاح أيضاً. ففي إسرائيل، تغيب لقطات الاحتفالات بالسجناء الفلسطينيين في غزة بشكل واضح عن التغطية الإعلامية، ولكن على قناة الجزيرة، يتم بثها بشكل متكرر.

وهذه مظاهر قوية للهيمنة النفسية التي تتمتع بها حماس، وهم يغتنمون الفرصة لإنتاج المزيد من صور النصر في ظل تنافسهم على السيطرة على رواية الحرب في غزة.

ولكن من الناحية الاستراتيجية، فإن فكرة استئناف الحرب في غزة ليست أكثر من خيال. ففي يوم الاثنين، اقترحت القناة 14، وهي وسيلة إعلام إسرائيلية يمينية متطرفة، "سيناريو" قد يلجأ فيه نتنياهو إلى ترامب، مشيرة إلى أنه بما أن ترامب لديه أربع سنوات لتأمين السلام مع المملكة العربية السعودية، فيجب عليه أن يمنح نتنياهو أربعة أشهر "لإنهاء المهمة" في غزة - هذه المرة باستخدام "الأسلحة" و"الدعم" اللذين يُزعم أن إدارة بايدن حجبتهما.

في حين أن هذا يشكل ترويجاً مقنعاً لقاعدة نتنياهو، فإن الواقع أقل وضوحاً بكثير. إذ يعود مليون من سكان غزة إلى الشمال. ولم يكن تهجيرهم في المقام الأول ممكناً إلا في أعقاب السابع من أكتوبر/تشرين الأول مباشرة. ومن غير الواقعي على الإطلاق أن نفعل ذلك مرة أخرى لاستيعاب أحلام سموتريتش بالهجرة الطوعية إلى مصر.

وتتزايد التكهنات في الدوائر السياسية والعسكرية في إسرائيل بشأن الغاية النهائية التي تسعى قطر إلى تحقيقها في غزة. وفي نهاية المطاف، يبدو أن تورط قطر لا ينبع من مخاوف إنسانية بقدر ما ينبع من مصالح اقتصادية واستراتيجية مدروسة.

ويقدر المسؤولون الإسرائيليون أن طموح قطر هو إنشاء مستعمرة في الشرق الأوسط. ومن خلال الاستفادة من علاقاتها مع إدارة ترامب ولعب أوراقها الإقليمية بشكل استراتيجي، يبدو أن قطر عازمة على تحويل غزة إلى موقع متقدم لها على البحر الأبيض المتوسط.

ورغم أن غزة تشبه في الوقت الحالي بنية تدمرت بفعل التجديد الحضري والزلزال والحريق في آن واحد، فإنها تتمتع بإمكانات كبيرة كأصل مستقبلي. فهي تضم حقل غاز بحري صغير ينتظر التطوير، وخططاً طويلة الأمد لإنشاء ميناء بحري، ومركزاً محتملاً لقطر الصغيرة الطموحة.

وعلى النقيض من رؤى سموتريتش غير المستقرة، فإن نهج قطر منهجي ويرتكز إلى استراتيجية طويلة الأمد، وهي تخصص موارد كبيرة لضمان نجاح مشروعها في غزة.


المصدر: هآرتس

الكاتب: Chaim Levinson




روزنامة المحور