الأربعاء 14 أيار , 2025 02:59

الأورغواي تودّع "أيقونة اليسار" وأفقر رئيس في العالم "خوسيه موخيكا"

رئيس أوروغواي خوسيه موخيكا

توفى رئيس أوروغواي الأسبق خوسيه موخيكا، الذي اشتهر بلقب "أفقر رئيس في العالم"، عن عمر 89 عاما. "أيقونة اليسار" مقاتل ماركسي ومزارع زهور، كانت له فلسفته الخاصة وأسلوب حياته البسيط الذي أذهل الناس حول العالم.

ولد خوسي ألبرتو موخيكا كوردانو، الملقب بـ "بيبي" pepe يوم 20 مايو/أيار 1935 بالعاصمة مونتيفيديو، من أب ينحدر من أصل إسباني باسكي وأم من أصل إيطالي.

الدراسة والتكوين
تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي بمونتيفيديو، وتابع دروسا في مدرسة القانون التابعة لمعهد ألفردو باسكيث إسيبيدو، لكنه انقطع لاحقا، ومارس رياضة سباق الدراجات الهوائية منذ سن الـ13 إلى الـ17 من العمر، حيث مثل العديد من النوادي الرياضية.

عمل في فترة شبابه لدى إنريكي بلانكو آرو، مؤسس حزب الوحدة الشعبية، والتقى الزعيم الثوري تشي غيفارا في كوبا بعد الثورة، وانضم لجماعة "توباماروس".

التجربة السياسية

بدأ حياته متمرداً ومقاتلاً ثورياً بالفترة ما بين 1960 و1970 كعضو سابق بالجماعة، التي استلهمت فكرها من الثورة الكوبية، وشارك بعمليات مسلحة وتعرض لإصابات مختلفة.

اعتقل عام 1971 وقضى بالسجن 14 عاماً حتى 1985 بعد عودة البلاد للنظام الديمقراطي، واستأنف حينها العمل السياسي السلمي، وساهم عام 1989 في تأسيس "حركة المشاركة الشعبية" وانتخب عام 1999 عضوا بمجلس الشيوخ، وعين وزيراً للزراعة بالفترة ما بين أعوام 2005- 2008.

ترشح عام 2009 في الانتخابات الرئاسية، باسم حزبه "الجبهة العريضة"، تحالف يساري، وفاز في الدورة الثانية وأعلن رئيساً للبلاد بالأول من مارس/آذار 2010.

يؤمن بأهمية الاستثمار في التعليم لتحقيق تطور الشعب، قائلاً إن "الشعب المتعلم لديه أفضل الخيارات في الحياة، ومن الصعب أن يتعرض لمكائد أو خداع الفاسدين".

خارجياً، حظي بالتقدير بعد إعلانه في مايو/أيار 2015، وفق المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، عن استعداد بلاده لاستقبال مئة يتيم سوري ممن أجبروا على اللجوء للبلدان المجاورة لـ سوريا برفقة بالغين من ذويهم، وذلك بمنزله الصيفي.

يتميز بصراحة في خطبه حيث انتقد علانية عام 2012 بمؤتمر "ريو +20" النزعة الاستهلاكية المتفشية بالبلدان الغنية، وطالب في الأمم المتحدة بـ نيويورك عام 2013 ممثلي الدول بالكف عن الذهاب إلى مؤتمرات القمة المكلفة والمسرفة التي لا تحقق شيئاً.

يصنف "أفقر رئيس بالعالم" لكونه لا يحتفظ سوى بـ10% من راتبه، الذي يبلغ شهريا 12 ألفاً وخمسمئة دولار أميركي، ويتبرع بالباقي لفائدة الجمعيات الخيرية، وتفيد وسائل الإعلام الدولية بأنه لا يتوفر في المقابل على أية حسابات مصرفية ولا ديون، وأغلى شيء لديه وفق تصريحه هو سيارته القديمة من طراز "فولكفاغن بيتل" التي تقدر قيمتها بـ 1945 دولاراً.

ويعيش، منذ توليه الرئاسة عام 2010، في بيت ريفي متواضع بمزرعته، قرب العاصمة، مع زوجته لوسيا توبولانسكي، عضو بمجلس الشيوخ، التي تتبرع هي الأخرى بجزء من راتبها، تاركاً القصر الرئاسي للقاءات الرسمية، كما أنه لا يتمتع بحراسة أمنية مشددة كبقية رؤساء العالم.

نظراً لارتباطه بالفقراء، سبق أن عرض على حكومته عام 2014 استعمال بعض أجنحة القصر الرئاسي بمونتيفيديو لإيواء المشردين بعد اطلاعه على عدم كفاية طاقة استيعاب المراكز المتوفرة بالبلاد.

أعلن رئيس أوروغواي الحالى ياماندو أورسي وفاة موخيكا في منشور على منصة "إكس"، حيث وصف موخيكا بأنه "رئيس وناشط ومرشد وقائد".

وكان الزعيم اليساري التاريخي قد أعلن في وقت سابق أنه قرر عدم الاستمرار في العلاج، وطلب في مقابلته الأخيرة أن يُسمح له بالموت بسلام. وأشار موخيكا إلى أنه اتخذ قراره هذا لأنه "رجل عجوز"، وكان يعاني من مرضين مزمنين ولم يعد جسده يتحمل المزيد، تاركاً إرثاً نموذجياً استثنائياً في العمل السياسي والنضالي. 


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور