الأربعاء 04 حزيران , 2025 11:26

الاقتصاد الإسرائيلي تحت الضغط: بين هجمات صنعاء والأزمات الداخلية

يتعرض الاقتصاد الإسرائيلي لضغوط متزايدة نتيجة تصاعد الهجمات التي ينفذها اليمن، وتشمل عمليات صاروخية وطائرات مسيّرة تستهدف العمق الإسرائيلي، إلى جانب هجمات بحرية ضيّقت الخناق أكثر على عنق الكيان. هذه الضربات المستمرة والتي تنفذ بغالبيتها بصاروخ واحد، تركت أثرها البالغ على التجارة الخارجية، سوق السيارات، قطاع الطيران، والمناخ الاستثماري العام.

مع تكثيف الهجمات على السفن المتجهة نحو إسرائيل أو المرتبطة بها، دفعت شركات التأمين إلى تسجيل ارتفاع كبير في الاقساط المفروضة على السفن المتجهة إلى الموانئ الاسرائيلية. وبحسب "Lloyd’s List"، ارتفعت أقساط التأمين بنسبة تصل إلى 300% في بعض الحالات، ما دفع شركات شحن إلى فرض رسوم إضافية على الواردات الإسرائيلية.

في حين أن تأخر وصول الشحنات من آسيا، ترافقَ مع رفع ضريبة السيارات الكهربائية في كيان الاحتلال بداية كانون الثاني/ يناير عام 2025، ما أجبر الوكلاء على تخليص آلاف المركبات من الجمارك في كانون الأول/ ديسمبر عام 2024. كثير من هذه المركبات كانت قد صُنعت في أيلول/ سبتمبر، ما يعني أنها ستُصنّف قانونياً "قديمة" بعد مرور سنة من التصنيع.

وبحسب تقرير نشرته صحيفة كالكاليست العبرية، لجأ الوكلاء إلى تسجيل ما بين 15,000 إلى 20,000 مركبة بأسمائهم أو بأسماء موظفيهم لتفادي بيعها كـ" مالك ثان" -أي أنها مستعملة وليست جديدة وفق التصنيف القانوني الاسرائيلي-، وهو ما يكشف أزمة حقيقية في توازن العرض والطلب.

من ناحية أخرى، وفي محاولة لتفريغ المخزون، لجأ العديد من الوكلاء إلى خصومات حادة تجاوزت 20% على مبيعات الأساطيل، رغم الركود في السوق الاستهلاكية. وقد ساعد ذلك على رفع أرقام التسليم إلى أكثر من 142,000 مركبة في أول خمسة أشهر من العام، لكن هذه الأرقام لا تعكس طلباً حقيقياً، بل إجراءات تجارية اضطرارية.

في ظل الضربات الصاروخية والطائرات المسيّرة التي وصلت إلى مواقع في عمق الكيان، شهد قطاع الطيران المدني أيضاً تراجعاً في النشاط  وعدد الرحلات. شركات كبرى مثل Lufthansa وKLM أعلنت في كانون الثاني/ أبريل الماضي تقليص عدد رحلاتها إلى مطار بن غوريون، مشيرة إلى تدهور التقييم الأمني للمنطقة.

كما ارتفعت كلفة التأمين على الطائرات والشحنات الجوية المتجهة نحو إسرائيل، ما دفع بعض الخطوط الجوية إلى مراجعة عملياتها مؤقتاً، خاصة في ظل استمرار الهجمات والتصريحات التي تشير إلى إمكانية استهداف منشآت اقتصادية.

في حين وجّه رئيس المكتب السياسي لحركة أنصار الله، مهدي المشاط، دعوة صريحة إلى الشركات الأجنبية لسحب استثماراتها من إسرائيل، مشدداً على أن "البيئة غير آمنة"، ومهدداً بإجراءات قد تُعرّض أعمال هذه الشركات لمخاطر.

هذه التصريحات بدورها، أثارت قلقاً في الأوساط الاستثمارية العالمية، خاصة أن تقارير من منظمات مثل UNCTAD أظهرت أن الاستثمار الأجنبي المباشر في إسرائيل انخفض بنسبة 22% عام 2024، بسبب التهديدات الإقليمية المستمرة.

تقرير صادر عن وزارة المالية الإسرائيلية في اذار/ مارس 2025 قدّر أن استمرار التهديدات البحرية والصاروخية حتى نهاية العام الحالي قد يؤدي إلى خسائر تصل إلى 1.2% من الناتج المحلي الإجمالي، معظمها ناتج عن انخفاض الصادرات، اضطراب سلاسل التوريد، وتقلص حركة الشحن والطيران.

وتشير هذه التقديرات إلى أن الأثر لا يتعلق فقط بالخسائر المادية المباشرة، بل أيضاً بتراجع ثقة المستثمرين المحليين والدوليين في استقرار البيئة الاقتصادية الإسرائيلية.

وتُظهر المعطيات الحالية أن الاقتصاد الإسرائيلي يواجه اختباراً مركّباً يجمع بين ضغط أمني إقليمي وحالة من الارتباك الداخلي في إدارة التحديات اللوجستية والتجارية.

القطاعات الأكثر حساسية، مثل السيارات والطيران، أصبحت نوافذ صريحة على عمق الأزمة، بينما تسود حالة من الترقّب في الأوساط الاستثمارية تجاه مستقبل الاستقرار المالي والتجاري في ظل استمرار الهجمات.

وفي غياب بوادر واضحة على انفراج قريب، يبدو أن النصف الثاني من عام 2025 سيكون حاسماً في تحديد ما إذا كانت إسرائيل قادرة على احتواء هذا الضغط المزدوج أم أنها ستواجه تصاعداً في الخسائر الاقتصادية.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور